الطهارة السابقة كافية عن الطهارة الحالية وقسيم لها، ولا مدلول أخبار سوق المسلم ويده أنهما قسيمان يدلان على التذكية وكافيان عنها، حتى لو علم انتفاء الطهارة الحالية والتذكية يكفيان عنهما.. بل مدلولهما: أن ما لم يعلم رفع طهارته السابقة فهو محكوم بالطهارة الحالية شرعا، والمأخوذ عن يد المسلم محكوم بكونه مذكى.. فلا تنافي بين هذه الأخبار وأخبار شرطية طهارة الثوب وتذكية الجلد.
والموضوعات في تلك الأخبار ليست أمورا قسيمة للعدالة بدلا عنها في ترتب قبول الشهادة، بل هي معرفات لها وكاشفات عنها، فإن الأصل في مثل ذلك وإن كانت البدلية والقسيمية - كما بيناه في عوائد الأيام - إلا أنا بينا أيضا أنه قد يحكم بالمعرفة الشرعية بالدليل أيضا، والدليل عليه إما نص، أو إجماع، أو قرينة.
ومن القرائن الدالة عليها: اشتراط عدم ظهور خلاف الأمر الأول مع الثاني أيضا، فإن العرف يفهم حينئذ أن الأمر الثاني بدل عن العلم بالأول لا عنه نفسه، وأن مع الأمر الثاني يحكم شرعا بتحقق الأول أيضا.
ومن القرائن أيضا: أن يستند ترتب الحكم على الثاني إلى الأخذ بظاهر الحال، فإنه يدل على أن العلة للحكم ليس الأمر الثاني فقط، وإلا لكان الاستناد إلى ظاهر الحال لغوا، بل هي أمر يظهر من الأمر الثاني بشهادة الحال.
وقد دل النص والإجماع والقرائن - فيما نحن فيه - على أن كفاية موضوعات تلك الأخبار إنما هي لأجل أنها معرفة للعدالة شرعا.
أما النص، فهو رواية سلمة بن كهيل، الواردة في مخاطبة شريح في آداب القضاء: " واعلم أن المسلمين عدول بعضهم على بعض، إلا مجلودا