وهل الوجوب - مطلقا على القول الأول، ومع الاستدعاء على الثاني - عيني أو كفائي؟
الظاهر إطباق الأولين واتفاقهم على الثاني، بل حكايات إجماعهم عليه مستفيضة، لأن المطلوب من أداء الشهادة إحقاق الحق، فمع حصوله حصل المطلوب، ولا يتحصل الحاصل.
والحاصل: أن الفرق بين الكفائي والعيني أنه:
إن علم بتصريح الشارع أو بدليل آخر أن مطلوب الشارع نفس الفعل، دون الفاعل، وأمكن تحققه من بعض، فهو الكفائي.
وإن احتمل مدخلية الفاعل أيضا، وشمل دليل الحكم الفاعل، فهو العيني.
ويعلم هناك بضرورة العقل أن المطلوب ليس إلا إحقاق الحق، فبعد تحققه لا يبقى طلب، وهو معنى الكفائي.
وربما يشعر بذلك ما في رواية جابر، من قوله: " من كتم شهادة أو شهد بها ليهدر دم امرئ مسلم، أو ليزوي بها مال امرئ مسلم، أتى يوم القيامة ولوجهه ظلمة مد البصر " (1).
حيث دلت بالمفهوم على أنه من كتم لا لغير ذلك - ومنه: عدم الحاجة إلى شهادته - لم يكن كذلك.
ومما ذكرنا تظهر الكفائية على القول الثاني أيضا، والظاهر أنه أيضا مراد القائلين به.
وأما جعل الوجوب مع الاستدعاء عينيا، لأنه المستفاد من الروايات