ولمرسلة ابن بكير: امرأة أرضعت غلاما وجارية، قال: " يعلم ذلك غيرها؟ " قلت: لا، قال: " لا تصدق إن لم يكن غيرها " (1). وتدل بمفهوم الشرط على تصديقها إذا كان معها غيرها ولو كان ذكرا واحدا وأنثى واحدة.. وخروج بعض الأفراد بالدليل غير ضائر.
أقول: أما المرسلة ففيها: أن المرضعة فيها إما مدعية أو متبرعة، ومع ذلك لها نصيب في الشهادة - وهو محرمية الغلام لها، والولدية الرضاعية - ومثل تلك الشهادة غير مقبولة، لأحد الوجوه الثلاثة، بل ظاهر قوله:
" لا تصدق " أن عدم القبول لأجل كونها مدعية.
وأما ما تقدمها ففيه: أنه أمر لا يطلع عليه الرجال الأجانب غالبا، وأما غيرهم - كزوج المرضعة وأبيها، وآبائهما، وأب الأم، وأولادها، وإخوانها، وأولادهم، وأولاد الأخت، وأعمامها وأخوالها - فلم لا يطلع عليه؟! وأي فرق بينهم وبين النساء؟! ولو كان فرق بشئ يسير لا اعتناء به، مع أنه أي حاجة إلى ثبوت الرضاع وحصول التحريم؟!.
ومما ذكر يظهر ما في سابقه أيضا، من أن الثدي ليس شئ لا يستطيع أن ينظر إليه الرجال، أو لا يجوز، أو لا ينظر:
نعم، لا يجوز للرجال الأجانب، ولم تقيد الأخبار بالأجانب، ولو خص بذلك لكانت الشهادة على ما يتعلق بالمرأة مطلقا كذلك، سيما على القول بحرمة استماع الأجانب أصواتهن.
فلم يبق إلا العموم المذكور، وتخصيصه بالحصر المتقدم لازم.
فالحق هو القول الأول.