بل يمكن أن يقال: إنه لا يعلم صدق الصلاح والخيرية بأدنى من ذلك، فيتحقق ما تتضمنه الصحيحة بتحقق معرفة العدالة بمقتضى جميع تلك الأخبار ولا عكس، ويحصل التعارض بالعموم من وجه، ولو لم يكن مرجح لزم الاقتصار على ما يجمع جميع ما تضمنته الأخبار، وهو مدلول الصحيحة، لأصالة عدم تحقق العدالة وعدم ثبوت المشروط بها إلا مع تيقنها، أو ما علم معرفته به.
ولا تتعارض رواية الجلاب (1) مع هذه الصحيحة، لأن مقتضى الأولى: عدم ظن الخير إلا بعد أن يعرف منه ذلك، ومدلول الثانية: أن بهذه العلامات تعرف العدالة.
وعلى هذا فنقول: إن كان مراد القائلين بهذا القول أن بمطلق حسن الظاهر تعرف العدالة ويحكم بها، فلا دليل تاما عليه بحيث يمكن الركون إليه.
وإن كان مرادهم أنها تعرف به في الجملة - كما هو الظاهر منهم - فهو صحيح، ومدلول للخبر الصحيح، وبه ترفع اليد عن الأصل المتقدم، المقتضي لإيجاب المعاشرة الباطنية.
والظاهر أن بهذا القدر من حسن الظاهر يحصل الظن بوجود الصفة الباعثة على اجتناب الكبائر أيضا، كيف؟! ومعرفة كونه ساترا لجميع عيوبه - أي متصفا بصفة الستر والصيانة - لا تحصل بدون نوع اختيار ومعاشرة.
وعلى هذا، فيتحد ذلك القول - على ما ذكرنا - مع ما اختاره الوالد العلامة أيضا، ويكون الفرق في المستند، فنحن نقول به لدلالة الأخبار، وهو لإيجابه الظن بالملكة، وكون الظن فيه مناط الاعتبار.