هو أن الإمام (عليه السلام) حكم بثبوت العدالة بوجود أمور خاصة، من الستر والعفاف عن أشياء معينة، وكف الجوارح عنها، واجتناب أمور خاصة متعينة عنده (عليه السلام)، والإتيان بأمور وجودية علما وعملا قلبا وجارحة، فلازمه الحكم بثبوتها عند تحقق هذه الأمور ونفيها عند انتفائها كلا أو بعضا ولو واحدا، سواء كان الانتفاء لأجل عدم ثبوت وجوب ذلك الأمر عند المكلف، بل وثبوت عدم وجوبه عنده، أو كان عمدا وعصيانا وإن اختص ترتب الإثم والعقاب - بحكم العقل - بصورة العمد والعصيان.
نعم، تلك الأمور على قسمين:
أحدهما: ما يعلم الواقع منه وكونه داخلا في مراد الإمام بإجماع، أو ضرورة دينية أو مذهبية، أو كتاب محكم، أو سنة مقطوعة، كالكف عن شرب الخمر، والزنا، والربا، والشرك، والتجسم، وإنكار النبوة، وجحد إمامة الأئمة، ونحو ذلك، بل جميع ما يتعلق بأصول العقائد.
وثانيهما: ما لا يعلم الواقع منه وخصوص مراد الإمام، بل قد يظن ظنا، وإن كان ذلك الظن حجة للظان، كبعض أقسام الغناء، وبعض أفراد الغيبة، والنظر إلى الأجنبية بلا ريبة، وترك غسل الجنابة بالوطء في الدبر من غير إنزال، وترك الصلاة في أوقات اختلف في تضيقها فيها، ونحو ذلك من مسائل الفروع المختلف فيها.
فما كان من الأول يحكم بانتفاء العدالة بانتفاء تلك الأمور اجتنابا أو ارتكابا قطعا.
وما كان من الثاني فلما لم يعلم الواقع فلا يعلم أن المكلف ترك واجبا واقعيا أو اجتنب محرما كذلك، والوجوب والحرمة بحسب ظن مجتهد لا يجعله كذلك واقعا، وإن كان كذلك في حق من ظنه كذلك