والفرق بين ذلك وبين القول الأول: أنه يحتاج على الأول إلى المعاشرة الباطنية مدة مديدة، يحصل فيها الاطلاع على السريرة ولو في الجملة.. وعلى هذا القول يكتفي في المعاشرة الظاهرة، مثل: رؤيته مواظبا على الصلوات الخمس، أو معاملته مع الناس من غير ظلم، وإخبارهم من غير كذب، ووعدهم من غير خلف.
وقد ينسب هذا القول إلى جمع من القدماء (1) - المعبرين في تعريف العدالة بالورع عن محارم الله، أو بالصلاح، أو بالاجتناب عن المحرمات، ونحو ذلك - وهو غير سديد، لأن التعبير بهذه الأمور يستدعي العلم بكونه كذلك كما مر، وهو لا يحصل بمجرد حسن الظاهر.
وهنا قول رابع، اختاره والدي العلامة (رحمه الله) في كتاب القضاء من المعتمد، وهو أن حسن الظاهر إن بلغ حدا يفيد غلبة الظن بثبوت علائم الملكة جاز الاكتفاء، وإلا فلا اعتماد عليه.
دليل الأولين: الأصل، فيؤخذ بالمجمع عليه، واشتراط العدالة ونحوها من الصلاح أو اجتناب الكبائر والكف واقعا، غاية الأمر التقييد في مقام التكاليف بالمعلوم، فيشترط العلم بها، وهو لا يحصل إلا بالمعاشرة الباطنية، أو الشياع، أو ما يقوم مقام العلم شرعا، وهو شهادة عدلين.
ولو منعت من حصول العلم بالمعاشرة الباطنية أيضا، كما هو ظاهر الكركي في حاشية الشرائع، حيث قال: إذا غلبت على ظنه عدالته بالطريق المعتبر في معرفة العدالة، وهي المعاشرة الباطنية، أو شهادة عدلين، أو الشياع. خلافا للشهيد في الذكرى، حيث قال: الأقرب اشتراط العلم