على وجودها الاعتباري بعض الآثار العملية، كالملكية والطلب ونحو ذلك، وسيأتي البحث عنه عند التعرض للأحكام الوضعية وما هو المجعول منها، وهذه المقدمة مما يلتزم بها.
المقدمة الثالثة: البناء على أن لفظ اليقين الوارد في النص باق على ظاهره الأولي من موضوعية اليقين، فيحمل عليه بمقتضى أصالة الظهور. ويمكن المنع عن ذلك، بدعوى أن ثبت لهذا اللفظ ظهور ثانوي في عدم موضوعية اليقين بما هو، بل الموضوع هو المتيقن، ولو حظ اليقين عبرة ومرآة له، وذلك بملاحظة استعمال ما يشابهه من لفظ الرؤية والتبين والعلم، مع العلم بان وصف الرؤية وأمثاله لا دخل له في الحكم بما هو، بل الدخيل هو المتعلق والواقع على واقعه.
وعلى كل، فإذا تمت جميع هذه المقدمات والتزم بما هو ظاهر الدليل من تعلق الجعل بنفس اليقين، فيقع الكلام فيما أفاده من تعلقه باليقين بلحاظ الجري العملي، وهو محل مناقشة، إذ الجري العملي هو فعل المكلف نفسه، فالجعل تارة:
يتعلق به نفسه، فيتعبد بان المكلف قد أتى بالعمل، فهذا أجنبي عن باب الاستصحاب، إذ الاستصحاب يستتبع العمل. وأخرى: يتعلق باليقين بلحاظ كونه منشئا للجري العملي واندفاع المكلف، فالمجعول هو منشئيته للعمل.
ففيه: ان استتباع اليقين للجري العملي بلحاظ ما يترتب عليه من التنجيز، وإلا فلا يندفع المكلف نحو العمل بدونه، فالجري العملي في طول التنجيز، فلا يمكن جعل اليقين بلحاظ الجري العملي بلا ملاحظة ترتب التنجيز عليه، وإذا فرض ملاحظة المنجزية كان المجعول في الاستصحاب هو المجعول في الامارات.
هذا، مع أنه لو فرض عدم ملاحظة التنجيز في جعل اليقين وأمكن فصل ملاحظة الجري العملي عنه، لم يترتب التنجيز على الاستصحاب، فلا تكون مخالفة الحكم الاستصحابي مستلزمة للعقاب. وهذا مما لا يظن الالتزام به من قبله