الامر الأول: ان اعتبار فعلية الشك في جريان الاستصحاب وعدم الاكتفاء بالتقدير له طريقان:
أحدهما: عرفي، وهو دعوى أن ظاهر دليل الاستصحاب اعتبار الشك في موضوعه، وظاهر كل امر مأخوذ في الموضوع إرادة الفرد الفعلي منه، فإذا قال:
" أكرم العالم " كان ظاهره عرفا اكرام المتصف بالعلم فعلا لا فرضا وتقديرا. ولذا قيل أن فعلية الحكم بفعلية موضوعه.
وعليه فالظاهر من دليل الاستصحاب عرفا إرادة الشك الفعلي.
ثانيهما: عقلي، وهو دعوى أن دليل الاستصحاب يتكفل جعل حكم ظاهري أصولي يقصد به رفع الحيرة في مقام العمل، وما كان كذلك لا يثبت الا مع الالتفات، إذ بدون الالتفات لا حيرة في التكليف ولا معنى لتنجيز الواقع عليه أو التعذير عنه.
وعليه، نقول إن كان نظر الشيخ، وصاحب الكفاية في اعتبار فعلية الشك إلى الوجه الثاني العقلي. فيرد عليهما: ان الاستصحاب لا يجري مع زوال الالتفات، بل لا بد في استمرار جريانه من استمرار الالتفات. وعليه فلا فرق بين الفرضين في عدم كون المكلف مجريا لاستصحاب الحدث حال الصلاة، لأنه غافل عن الحدث حالها. فالتفرقة بينهما في غير محلها.
وان كان نظرهما إلى الوجه الأول العرفي - كما هو الظاهر لالتزامهما بجريان الاستصحاب مع الشك ثم الغفلة عنه وقد عرفت أن هذا لا يتم على الوجه الثاني مع أن الجهة الثانية راجعة إلى الشرائط العامة للتكليف، فان من الشرائط العامة عدم الغفلة، وهو أجنبي عن خصوص الاستصحاب، فلا يناسب تخصيص الكلام به -، فالفرق بين الفرضين وان كان موجودا ببيان انه في الفرض الأول وان عرضت الغفلة بعد الشك، لكن ذلك لا ينافي استمرار الشك بوجود ارتكازي، كسائر الصفات النفسية من الإرادة والعلم التي يكون لها وجود ارتكازي يجامع الغفلة بعد حدوثها عن التفات، فيكون الشك موجودا