فما أفاده المحقق صاحب الفصول (قدس سره): من لزوم الانقلاب في صورة أخذ مفهوم الشئ في المشتق غير صحيح، بل إنه حسب التحليل لا يرجع إلى معنى معقول أصلا.
ومن مجموع ما ذكرناه يستبين: أنه لا وجه لدعوى الانقلاب، حتى لو كان المأخوذ فيه مصداق الشئ وواقعه، وذلك لأن قضية " الإنسان كاتب " - مثلا - وإن انحلت على هذا إلى قضية " الإنسان إنسان له الكتابة " إلا أن المحمول فيها ليس هو الإنسان وحده ليكون ثبوته للإنسان من قبيل ثبوت الشئ لنفسه الذي هو ضروري، بل المحمول هو الإنسان المقيد بالكتابة، ومن المعلوم أن ثبوته بهذا الوصف لا يكون ضروريا.
ودعوى: انحلال القضية على هذا إلى قضيتين: إحداهما ضرورية، والاخرى ممكنة مدفوعة: بأنا لا نسلم الانحلال، وذلك لأنه: إن أريد بالانحلال انحلال عقد الوضع إلى قضية فعلية أو ممكنة على النزاع بين الشيخ الرئيس والفارابي (1) فهو جار في جميع القضايا، فلا يختص ببعض دون بعض. وإن أريد به الانحلال الحقيقي بأن يدعى أن قضية الإنسان كاتب - مثلا - تنحل حقيقة إلى قضيتين مزبورتين ففيه: أنا لا نعقل له معنى محصلا.
نعم، المحمول منحل إلى أمرين، وهذا ليس من انحلال القضية إلى قضيتين في شئ، إلا أن يقال: إن مرادهم من انحلال القضية ذلك، فلو كان كذلك فلا بأس بهذا الانحلال، ولا محذور فيه، وإنما المحذور هو انقلاب مادة الإمكان إلى الضرورة، وقد عرفت أن تركب المشتق لا يستلزمه.
فتلخص: أنه لا محذور في أخذ مصداق الشئ في المشتق إلا ما ذكرناه.
وكيف كان، فالأمر ظاهر، فلا وجه لإطالة الكلام في ذلك كما عن شيخنا