ذاتا ومغايرتهما اعتبارا، ولا نظر في ذلك إلى حال الاستعمال وأنه حقيقي أو مجازي. مثلا: حمل " الحيوان الناطق " على الإنسان لا يدل إلا على اتحاد معنييهما حقيقة، ولا نظر فيه إلى أن استعمال لفظ " الإنسان " فيما أريد به حقيقي أو مجازي، ومن الظاهر أن مجرد الاستعمال لا يكون دليلا على الحقيقة.
وعلى الجملة: فصحة الحمل الذاتي بما هو لا يكشف إلا عن اتحاد المعنيين ذاتا. وأما أن استعمال اللفظ في القضية استعمال حقيقي فهو أمر آخر أجنبي عن صحة الحمل وعدمها.
نعم، بناء على أن الأصل في كل استعمال أن يكون حقيقيا - كما نسب إلى السيد المرتضى (1) (قدس سره) - يمكن إثبات الحقيقة، إلا أنه لم يثبت في نفسه - كما ذكرناه (2) غير مرة - على أنه لو ثبت فهو أجنبي عن صحة الحمل وعدمها.
وبكلمة أخرى: أن صحة الحمل وعدم صحته يرجعان إلى عالم المعنى والمدلول، فمع اتحاد المفهومين ذاتا يصح الحمل، وإلا فلا. وأما الحقيقة والمجاز فهما يرجعان إلى عالم اللفظ والدال، وبين الأمرين مسافة بعيدة.
نعم، لو فرض في القضية الحملية أن المعنى قد استفيد من نفس اللفظ من دون قرينة كان ذلك علامة الحقيقة، إلا أنه مستند إلى التبادر، لا إلى صحة الحمل.
وقد أصبحت النتيجة بوضوح: أن صحة ذلك الحمل بما هو حمل لا تكون علامة لإثبات الحقيقة، وكذا عدمها لا يكون علامة لإثبات المجاز، بل هما علامة الاتحاد والمغايرة لا غير، فنحتاج في إثبات الحقيقة إلى التمسك بالتبادر من الإطلاق، أو نحوه، هذا.
وأما الحمل الشائع فتفصيل الكلام فيه: أن ملاك صحته بجميع أنواعه اتحاد المعنيين - أي: الموضوع والمحمول - وجودا ومغايرتهما مفهوما، فذلك الوجود