مضافا إلى لغويته: أنه يستلزم إفادة المعنى الواحد مرتين، والانتقال إليه بانتقالين، وذلك لفرض تعدد الوضع الذي يقتضي تعدد الإفادة والانتقال، وهذا كما إذا تكلم الإنسان بلفظ الدار مرة، وبكلمات الحائط والغرفة والساحة أخرى، فإنه لا ريب حينئذ في أن الانتقال إلى المعنى يكون مرتين، غايته: أنهما طوليان.
وأما في مقامنا فلو التزمنا بتعدد الوضع للزمنا الالتزام بعرضية الانتقالين، وذلك لأن المركبات بما هي لو كان لها وضع فلا محالة كان وضعها لإفادة ما يستفاد من مجموع الهيئة والمادة في الجملة، لعدم معنى آخر على الفرض، وعليه فلزمنا الالتزام بعرضية الانتقالين لتحقق كل من الدالين في عرض تحقق الآخر، وهذا مخالف للوجدان كما هو واضح. ومن هنا لم نجد قائلا به وإن كان ابن مالك (١) قد نسب القول به إلى بعض، ولكن من المحتمل قويا أن يكون النزاع لفظيا بأن يكون مراد القائل بالوضع: وضع هيئة المركب لا هو بنفسه.
ومن هنا يظهر أن ما ذكره أهل الأدب من تقسيم المجاز إلى المجاز في المفرد والى المجاز في المركب (٢) غير صحيح، وذلك لأن الاستعمال المجازي فرع وجود الموضوع له، فإذا فرض عدم الموضوع له للشئ فلا يعقل المجاز فيه، وقد عرفت أن المركب بما هو لم يوضع لشئ، ومعه كيف يتصور المجاز فيه؟
نعم، يجوز تشبيه المركب بالمركب كما في قوله تبارك وتعالى: ﴿مثلهم كمثل الذي استوقد نارا﴾ (3). وكذا يجوز الكناية في المركب كما في قولهم: (أراك تقدم رجلا وتؤخر أخرى) فهو كناية عن التردد الحاصل في النفس الموجب لذلك.