ويحد للقذف إن لم يقم عليها البينة وتحرم بغير لعان عليه مؤبدا، وإن أقام بينة سقط الحد وحرمت عليه أيضا كما دلت عليه الرواية السابقة.
وربما قيل إنها لا تحرم لعدم قذفها بما يوجب اللعان، ويثبت عليها الحد بالبينة ولا ينتفي عنها بلعانها، والرواية تنافي ذلك وهي معتبرة الأسناد، لكن في الاكتفاء بها في اثبات هذا الحكم نظر، وعبارات الأصحاب في باب التحريم مصرحة باشتراط قذفها بما يوجب اللعان للآية المذكورة، فيخرج منها ما لو أقام البينة وما لو لم يدع المشاهدة، وإطلاق هذه الرواية وغيرها يتناول الجميع، والأولى الرجوع في كل موضع يحصل منه الاشتباه إلى الحكم العام. انتهى كلامه رفع في أعلا عليين مقامه، وإنما نقلناه بطوله لكثرة فوائده ومحصوله.
لكن بقي هنا شئ وهو أنه لم يتعرض لسوى رواية السكوني وهي ليست منفردة بذلك، لأنك قد سمعت أن المعاضد لها من أخبار الباب ثلاثة أخبار أخر أحد ها خبر الخصال والثاني خبر قرب الأسناد عن الحسين بن علوان والثالث خبر الجعفريات، إلا أن الثلاثة مشتركة في ضعف السند أيضا على الاصطلاح الجديد، لكن قد عرفت غير مرة أن هذا الاصطلاح الجديد غير معتبر إلا عند تعارض الأخبار، وفي الحقيقة لا تعارض هنا بينها وبين خبر صحيحة أبي بصير إلا في حالة القذف دون حالة نفي الولد إذ لا معارض لها سوى العموم وكونها لضعفها غير مقابلة لتقييد غيرها، لكن يبقى فيها الطعن باحتمال التقية لاشتمالها على أصناف لا يمكن القول بها، وقد تقدم الكلام عليه منقحا فلا حاجة إلى إعادته.
ويشترط فيها أيضا أن تكون منكوحة بالعقد الدائم الصحيح، أما اشتراطه مع القذف فهو مشهور بين الأصحاب، وقد ذهب إليه أكثر المتقدمين وجميع المتأخرين حتى لم ينقل المحقق هنا فيه خلافا، وكذا العلامة، لكن قد نقل الخلاف في نكاح المنقطع عن المفيد والمرتضى لعموم الآية، وسيجئ الكلام عليهما وعلى ما احتجا به، وأما بالنسبة إلى نفي الولد فالظاهر أنه موضع وفاق لأن