في " الصحيحين " من حديث أبي هريرة وفي بعض الألفاظ عن أبي هريرة: أن الضيف كان من أهل الصفة، والمضيف كان من الأنصار، وأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لقد عجب من فعالكما أهل السماء ".
والثاني: أن رجلا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أهدي له رأس شاة، فقال: إن أخي فلانا وعياله أحوج إلى هذا، فبعث به إليه، فلم يزل يبعث به واحد إلى واحد حتى تناولها سبعة أهل أبيات، حتى رجعت إلى أولئك، فنزلت هذه الآية، قاله ابن عمر. وروي نحو هذه القصة عن أنس بن مالك قال: أهدي لبعض الصحابة رأس شاة مشوي، وكان مجهودا، فوجه به له فتناوله تسعة أنفس، ثم عاد إلى الأول، فنزلت هذه الآية.
قوله [عز وجل]: (ومن يوق شح نفسه) وقرأ ابن السميفع، [وأبو رجاء " ومن يوق " بتشديد القاف. قال المفسرون]: هو أن لا يأخذ شيئا مما نهاه الله عنه، ولا يمنع شيئا أمره الله بأدائه. والمعنى: أن الأنصار ممن وقي شح نفسه حين طابت أنفسهم بترك الفيء للمهاجرين.
فصل وقد اختلف العلماء في الشح والبخل، هل بينهما فرق، أم لا؟ فقال ابن جرير: الشح في كلام العرب: البخل ومنع الفضل من المال. وقال أبو سليمان الخطابي: الشح أبلغ في المنع من البخل، وإنما الشح بمنزلة الجنس، والبخل بمنزلة النوع، وأكثر ما يقال في البخل: إنما هو في أفراد الأمور وخواص الأشياء، [والشح] عام، فهو كالوصف اللازم للإنسان من قبل الطبع والجبلة. وحكى الخطابي عن بعضهم أنه قال: البخل: أن يضن بماله، والشح: أن يبخل بماله ومعروفه. وقد روى أبو الشعثاء أن رجلا أتى ابن مسعود فقال: إني أخاف أن أكون قد هلكت، قال: وما ذاك؟ قال: أسمع الله يقول: " ومن يوق شح نفسه " وأنا رجل شحيح لا يكاد يخرج من يدي شيء، فقال: ليس ذاك بالشح الذي ذكره الله في القرآن، الشح: أن تأكل مال أخيك ظلما، إنما ذلك البخل، وبئس الشيء البخيل وروى أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: