الغانمين الموجفين عليها، ثم نسخ ذلك بقوله تعالى في الأنفال (واعلموا أنما غنمتم من شيء...) الآية، هذا قول قتادة ويزيد بن رومان. وذهب قوم إلى أن هذا الفيء: ما أخذ من أموال المشركين ما لم يوجف بخيل ولا ركاب، كالصلح، والجزية، والعشور، ومال من مات منهم في دار الإسلام ولا وارث له، فهذا كان يقسم في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم خمسة أخماس، فأربعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل بها ما يشاء، والخمس الباقي للمذكورين في هذه الآية.
واختلف العلماء فيما يصنع بسهم رسول بعد موته على ما بيناه في الأنفال فعلى هذا تكون هذه الآية مبينة لحكم الفيء والتي في الأنفال مبينة لحكم [الغنيمة]، فلا يتوجه النسخ.
قوله [تعالى]: (كي لا يكون) يعني: الفيء (دولة) وهو اسم للشيء يتداوله القوم.
والمعنى: لئلا يتداوله الأغنياء بينهم فيغلبون الفقراء عليه. قال الزجاج: [الدولة]: اسم الشيء يتداوله. والدولة، بالفتح: الفعل والانتقال من حال إلى حال (وما آتاكم الرسول) من الفيء (فخذوه وما نهاكم) عن أخذه (فانتهوا) وهذا نزل في أمر الفيء، وهو عام في كل ما أمر به، ونهى عنه. قال الزجاج: ثم بين من المساكين الذين لهم الحق، فقال: [عز وجل]:
(للفقراء [المهاجرين] الذين أخرجوا من ديارهم) قال المفسرون: يعني بهم المهاجرين (يبتغون فضلا من [الله]) أي: رزقا يأتيهم (ورضوانا) رضي ربهم حين خرجوا إلى دار الهجرة (أولئك هم الصادقون) في إيمانهم. ثم مدح الأنصار حين طابت نفوسهم عن الفيء، فقال [تعالى]: (والذين تبوؤا الدار) يعني: دار الهجرة، وهي المدينة (والإيمان من قبلهم) فيها تقديم وتأخير، تقديره: والذين تبوؤوا الدار من قبلهم، أي: من قبل المهاجرين، والإيمان عطف على " الدار " في الظاهر، لا في المعنى، لأن " الإيمان " ليس بمكان يتبوأ، وإنما