والمعنى: إذا اختبر بذلك يئس من روح الله وقنط من رحمته. وقال أبو عبيدة: اليؤوس، فعول من يأس، والقنوط، فعول من قنط.
قوله تعالى: (ولئن أذقناه رحمة منا) أي: خيرا وعافية وغنى، (ليقولن هذا لي) أي: هذا واجب لي بعملي وأنا محقوق به، ثم يشك في البعث فيقول، (وما أظن الساعة قائمة) أي: لست على يقين من البعث (ولئن رجعت إلى ربي إن لي عنده للحسنى) يعني الجنة، أي: كما أعطاني في الدنيا يعطيني في الآخرة (فلننبئن الذين كفروا) أي: لنخبرنهم بمساوئ أعمالهم. وما بعده قد سبق إلى قوله تعالى: (ونأى بجانبه) قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، " ونأى " مثل " نعى "، وقرأ ابن عامر: " وناء " مفتوحة النون، ممدودة والهمزة بعد الألف. وقرأ حمزة: " نئى " مكسورة النون والهمزة.
(فذو دعاء عريض) قال الفراء، وابن قتيبة: معنى العريض: الكثير، وإن وصفته بالطول أو بالعرض جاز في الكلام.
(قل) يا محمد لأهل مكة (أرأيتم إن كان) القرآن (من عند الله ثم كفرتم به من أضل ممن هو في شقاق) أي: خلاف للحق (بعيد) عنه؟ وهو اسم، والمعنى: فلا أحد أضل منكم. وقال ابن جرير: معنى الآية: ثم كفرتم به، ألستم في شقاق للحق وبعد عن الصواب؟! فجعل مكان هذا باقي الآية.
سنريهم آياتنا في الأفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق أولم يكف بربك أنه على كل شئ شهيد (53) ألا إنهم في مرية من لقاء ربهم ألا أنه بكل شئ محيط (54) قوله تعالى: (سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم) فيه خمسة أقوال:
أحدها: في الآفاق: فتح أقطار الأرض، وفي أنفسهم: فتح مكة، قاله الحسن، ومجاهد، والسدي.
والثاني: أنها في الآفاق: وقائع الله في الأمم الخالية، وفي أنفسهم: يوم بدر، قاله قتادة، ومقاتل.
والثالث: أنها في الآفاق: إمساك القطر عن الأرض كلها، وفي أنفسهم: البلايا التي تكون في أجسادهم، قاله ابن جريج.