وعدكم الله مغانم كثيرة تأخذونها فعجل لكم هذه وكف أيدي الناس عنكم ولتكون آية للمؤمنين ويهديكم صراطا مستقيما (20) وأخرى لم تقدروا عليها قد أحاط الله بها وكان الله على كل شئ قديرا (21) ولو قاتلكم الذين كفروا لولوا الأدبار ثم لا يجدون وليا ولا نصيرا (22) سنة الله التي قد خلت من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلا (23) وهو الذي كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم ببطن مكة من بعد أن أظفركم عليهم وكان الله بما تعملون بصيرا (24) ثم ذكر الذين أخلصوا نيتهم وشهدوا بيعة الرضوان بقوله: (لقد رضي الله عن المؤمنين) وقد ذكرنا سبب هذه البيعة آنفا. وإنما سميت بيعة الرضوان، لقوله: (لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة) روى إياس بن سلمة بن الأكوع عن أبيه، قال: بينما نحن قائلون زمن الحديبية، نادى منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم: أيها الناس، البيعة، البيعة، نزل روح القدس، قال:
فثرنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو تحت شجرة سمرة، فبايعناه. وقال عبد الله بن مغفل: كان رسول الله صلى الله عليه تحت الشجرة يبايع الناس، وإني لأرفع أغصانها عن رأسه. وقال بكير بن الأشج. كانت الشجرة بفج نحو مكة. قال نافع: كان الناس يأتون تلك الشجرة فيصلون عندها، فبلغ ذلك عمر بن الخطاب، فأوعدهم فيها، وأمر بها فقطعت.
قوله تعالى: (فعلم ما في قلوبهم) أي: من الصدق والوفاء، والمعنى: علم أنهم مخلصون (فأنزل السكينة عليهم) يعني الطمأنينة والرضى حتى بايعوا على أن يقاتلوا ولا يفروا (وأثابهم) أي: عوضهم على الرضى بقضائه والصبر على أمره (فتحا قريبا) وهو خيبر، (ومغانم كثيرة يأخذونها) أي: من خيبر، لأنها كانت ذات عقار وأموال. فأما قوله بعد هذا: (وعدكم الله مغانم كثيرة تأخذونها) فقال المفسرون: هي الفتوح التي تفتح على المسلمين إلى يوم القيامة.
(فجعل لكم هذه) فيها قولان:
أحدهما: أنها غنيمة خيبر، قاله مجاهد، وقتادة، والجمهور.
والثاني: أنه الصلح الذي كان بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين قريش، رواه العوفي عن ابن عباس.
قوله تعالى: (وكف أيدي الناس عنكم) فيهم ثلاثة أقوال: