الله أولئك الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى لهم مغفرة وأجر عظيم (3) قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله) في سبب نزولها أربعة أقوال:
أحدها: أن ركبا من بني تميم قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال أبو بكر: أمر القعقاع بن معبد، وقال عمر: أمر الأقرع بن حابس، فقال أبو بكر: ما أردت إلا خلافي، وقال عمر: ما أردت خلافك، فتماريا حتى ارتفعت أصواتها، فنزل قوله: (يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله) إلى قوله: (ولو أنهم صبروا)، فما كان عمر يسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد هذه الآية حتى يستفهمه، رواه عبد الله بن الزبير.
والثاني: أن قوما ذبحوا قبل أن يصلي رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم النحر، فأمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعيدوا الذبح، فنزلت هذه الآية، قاله الحسن.
والثالث أنها نزلت في قوم كانوا يقولون: لو أنزل الله في كذا وكذا! فكره الله ذلك، وقدم فيه، قاله قتادة.
والرابع: أنها نزلت في عمرو بن أمية الضمري، وكان قد قتل رجلين من بني سليم قبل أن يستأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قاله ابن السائب. وروى ابن أبي طلحة عن ابن عباس قال: لا تقولوا خلاف الكتاب والسنة. وروى العوفي عنه قال: نهوا أن يتكلموا بين يدي كلامه. وروي عن عائشة رضي الله عنها في هذه الآية قالت: لا تصوموا قبل أن يصوم نبيكم. ومعنى الآية على جميع الأقوال. لا تعجلوا بقول أو فعل قبل أن يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم أو يفعل. قال ابن قتيبة: يقال فلان يقدم بين يدي.
الإمام وبين يدي أبيه، أي: يعجل بالأمر والنهي دونه.
فأما " تقدموا " فقرأ ابن. مسعود، وأبو هريرة، وأبو رزين، وعائشة، وأبو عبد الرحمن السلمي، وعكرمة، والضحاك وابن سيرين، وقتادة، وابن يعمر، ويعقوب: بفتح التاء والدال، وقرأ الباقون:
بضم التاء وكسر الدال. قال الفراء: كلاهما صواب، يقال: قدمت، وتقدمت، وقال الزجاج:
كلاهما واحد، فأما " بين يدي الله ورسوله " فهو عبارة عن الأمام، لأن ما بين يدي الإنسان أمامه، فالمعنى: لا تقدموا قدام الأمير.
قوله تعالى: (لا ترفعوا أصواتكم) في سبب نزولها قولان:
أحدهما: أن أبا بكر وعمر رفعا أصواتهما فيما ذكرناه آنفا في حديث ابن الزبير، وهذا قول ابن أبي مليكة.