فالجواب: أن لا، غير أن معنى الكلام التهديد بالجزاء، وللمفسرين فيه ثلاثة أقوال:
أحدها: لا يخفى عليه مما عملوا شيء، قاله ابن عباس.
والثاني: لا يستترون منه بجبل ولا مدر، قاله قتادة.
والثالث: أن المعنى: أبرزهم جميعا، لأنه لا يخفى عليه منهم شيء، حكاه الماوردي.
قوله تعالى: (لمن الملك اليوم) اتفقوا على أن هذا يقوله الله عز وجل بعد فناء الخلائق.
واختلفوا في وقت قوله عز وجل له على قولين:
أحدهما: يقوله عند فناء الخلائق إذا لم يبق مجيب. فيرد هو على نفسه فيقول: (لله الواحد القهار)، قاله الأكثرون.
والثاني: أنه يقوله يوم القيامة.
وفيمن يجيبه حينئذ قولان:
أحدهما: أنه يجيب نفسه وقد سكت الخلائق لقوله تعالى: قاله عطاء، والثاني: أن الخلائق كلهم يجيبونه فيقولون: " لله الواحد القهار "، قاله ابن جريج.
وأنذرهم يوم الأزفة إذ القلوب لدى الحناجر كظمين ما للظالمين من حميم ولا شفيع يطاع (18) يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور (19) قوله تعالى: (وأنذرهم يوم الآزفة) فيه قولان:
أحدهما: أنه يوم القيامة، قاله الجمهور. قال ابن قتيبة: وسميت القيامة بذلك لقربها، يقال:
أزف شخوص فلان، أي: قرب.
والثاني: أنه يوم حضور المنية، قاله قطرب.
قوله تعالى: (إذ القلوب لدى الحناجر) وذلك أنها ترتقي إلى الحناجر فلا تخرج ولا تعود، هذا على القول الأول، وعلى الثاني: القلوب هي النفوس تبلغ الحناجر عند حضور المنية، قال الزجاج: و (كاظمين) منصوب على الحال، والحال محمولة على المعنى، لأن القلوب لا يقال لها:
كاظمين، وإنما الكاظمون أصحاب القلوب، فالمعنى: إذ قلوب الناس لدى الحناجر في حال كظمهم. قال المفسرون: " كاظمين " أي: مغمومين ممتلئين خوفا وحزنا، والكاظم: الممسك للشيء على ما فيه، وقد أشرنا إلى هذا عند قوله [تعالى]: (والكاظمين الغيظ).