تهتدون (10) قوله تعالى: (حم) قد تقدم بيانه.
(والكتاب المبين) قسم بالقرآن.
(إنا جعلناه) قال سعيد بن جبير: أنزلناه. وما بعد هذا تقدم بيانه إلى قوله: (وإنه) يعني القرآن (في أم الكتاب) قال الزجاج: أي: في أصل الكتاب، وأصل كل شيء: أمه، والقرآن مثبت عند الله عز وجل في اللوح المحفوظ.
قوله تعالى: (لدينا) أي: عندنا (لعلي) أي: رفيع. وفي معنى الحكيم قولان:
أحدهما: محكم، أي: ممنوع من الباطل، قاله مقاتل.
والثاني: حاكم لأهل الإيمان بالجنة ولأهل الكفر بالنار، ذكره أبو سليمان الدمشقي، والمعنى: إن كذبتم به يا أهل مكة فإنه عندنا شريف عظيم المحل.
قوله تعالى: (أفنضرب عنكم الذكر صفحا) قال ابن قتيبة: أي: نمسك عنكم فلا نذكركم صفحا، أي: إعراضا، يقال: صفحت عن فلان: إذا أعرضت عنه، والأصل في ذلك أن توليه صفحة عنقك، قال كثير يصف امرأة:
صفوحا فما تلقاك إلا بخيلة * فمن مل منها ذلك الوصل ملت أي: معرضة بوجهها، يقال، ضربت عن فلان كذا: إذا أمسكته وأضربت عنه. (أن كنتم) قرأ ابن كثير، وعاصم، وأبو عمرو، وابن عامر: " أن كنتم " بالنصب، أي: لأن كنتم قوما مسرفين. وقرأ نافع، وحمزة، والكسائي: " إن كنتم " بكسر الهمزة. قال الزجاج: وهذا على معنى الاستقبال، أي: إن تكونوا مسرفين نضرب عنكم الذكر. وفي المراد بالذكر قولان:
أحدهما: أنه ذكر العذاب، فالمعنى: أفنمسك عن عذابكم ونترككم على كفركم؟! وهذا معنى قول ابن عباس، ومجاهد، والسدي.
والثاني: أنه القرآن، فالمعنى: أفنمسك عن إنزال القرآن من أجل أنكم لا تؤمنون به؟! وهو معنى قول قتادة، وابن زيد.
وقال قتادة: " مسرفين " بمعنى مشركين.