أحدهما: أنه شهد على نفسه يظهره على الدين كله، قاله الحسن.
والثاني: كفى به شهيدا أن محمدا رسوله، قاله مقاتل.
محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا سيماهم في وجوههم من أثر السجود ذلك مثلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل كزرع أخرج شطئه فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقه يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجرا عظيما (29) قوله تعالى: (محمد رسول الله) وقرأ الشعبي، وأبو رجاء، وأبو المتوكل، والجحدري:
" محمدا رسول الله " بالنصب فيهما. قال ابن عباس: شهد له بالرسالة.
قوله تعالى: (والذين معه) يعني أصحابه والأشداء: جمع شديد. قال الزجاج: والأصل:
أشدداء، نحو نصيب وأنصباء، ولكن الدالين تحركتا، فأدغمت الأولى في الثانية، ومثله (من يرتد منكم).
قوله تعالى: (رحماء بينهم) الرحماء جمع رحيم، والمعنى أنهم يغلظون على الكفار، ويتوادون بينهم (تراهم ركعا سجدا) يصف كثرة صلاتهم (يبتغون فضلا من الله) وهو الجنة (ورضوانا) وهو رضي الله عنهم. وهذا الوصف لجميع الصحابة عند الجمهور، وروى مبارك بن فضالة عن الحسن البصري أنه قال: " والذين معه " أبو بكر " أشداء على الكفار " عمر " رحماء بينهم " عثمان " تراهم ركعا سجدا " علي بن أبي طالب " يبتغون فضلا من الله ورضوانا " طلحة والزبير وعبد الرحمن وسعد وسعيد وأبو عبيدة.
قوله تعالى: (سيماهم) أي: علامتهم (في وجوههم)، وهل هذه العلامة في الدنيا، أم في الآخرة؟ فيه قولان:
أحدهما: في الدنيا. ثم فيه ثلاثة أقوال:
أحدها: أنها السمت الحسن، قاله ابن عباس في رواية ابن أبي طلحة، وقال في رواية مجاهد: أما إنه ليس بالذي ترون، ولكنه سيما الإسلام وسمته وخشوعه، وكذلك قال مجاهد: ليس بندب التراب في الوجه، ولكنه الخشوع والوقار والتواضع.