وإن الله بكم لرؤف رحيم (9) وما لكم ألا تنفقوا في سبيل الله ولله ميراث السماوات والأرض لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا وكلا وعد الله الحسنى والله بما تعملون خبير (10) من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له وله أجر كريم (11) قوله [عز وجل]: (وما لكم لا تؤمنون بالله) هذا استفهام إنكار، والمعنى: أي شيء لكم من الثواب في الآخرة إذا لم تؤمنوا بالله (وقد أخذ ميثاقكم؟) قرأ أبو عمرو " أخذ " بالرفع. وقرأ الباقون " أخذ " بفتح الخاء (ميثاقكم) بالفتح. والمراد به: حين أخرجتم من ظهر آدم (إن كنتم مؤمنين) بالحجج والدلائل.
قوله [عز وجل]: (هو الذي ينزل على عبده) يعني: محمدا صلى الله عليه وسلم (آيات بينات) يعني:
القرآن (ليخرجكم من الظلمات) يعني الشرك إلى نور الإيمان (وإن الله بكم لرؤوف رحيم) حين بعث الرسول ونصب الأدلة. ثم حثهم على الإنفاق فقال: (وما لكم ألا تنفقوا في سبيل الله ولله ميراث السماوات والأرض): أي شيء لكم في ترك الإنفاق مما يقرب إلى الله عز وجل وأنتم ميتون تاركون أموالكم؟! ثم بين فضل من سبق بالإنفاق فقال: (لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح) وفيه قولان:
أحدهما: أنه فتح مكة، قاله ابن عباس، والجمهور.
والثاني: أنه فتح الحديبية، قاله الشعبي. والمعنى: لا يستوي من أنفق [قبل] ذلك (وقاتل) ومن فعل ذلك بعد الفتح. قال المفسرون: نزلت هذه الآية في أبي بكر الصديق قوله:
(أولئك أعظم درجة) قال ابن عباس: أعظم منزلة عند الله. قال عطاء: درجات الجنة تتفاضل، فالذين أنفقوا من قبل الفتح في أفضلها. قال الزجاج: لأن المتقدمين كانت بصائرهم أنفذ. ونالهم من المشقة أكثر (وكلا وعد الله الحسنى) أي: وكلا الفرقين وعده الله الجنة. وقرأ ابن عامر " وكل " بالرفع.