أحدها: ذاهب، من قولهم: مر الشيء واستمر: إذا ذهب، قاله مجاهد، وقتادة، والكسائي، والفراء، فعلى هذا يكون المعنى: هذا سحر، والسحر يذهب ولا يثبت.
والثاني: شديد قوي، قاله أبو العالية، والضحاك، وابن قتيبة، قال: وهو مأخوذ من المرة، والمرة: الفتل.
والثالث: دائم، حكاه الزجاج.
قوله تعالى: (وكذبوا) يعني كذبوا النبي صلى الله عليه وسلم وما عاينوا من قدرة الله تعالى (واتبعوا أهواءهم) ما زين لهم الشيطان (وكل أمر مستقر) فيه ثلاثة أقوال:
أحدها: أن كل أمر مستقر بأهله، فالخير يستقر بأهل الخير، والشر يستقر بأهل الشر، قاله قتادة.
والثاني: لكل حديث منتهى وحقيقة، قاله مقاتل.
والثالث: أن قرار تكذيبهم مستقر، وقرار تصديق المصدقين مستقر حتى يعلموا حقيقته بالثواب والعقاب، قاله الفراء.
قوله تعالى: (ولقد جاءهم) يعني أهل مكة (من الأنباء) أي: من أخبار الأمم المكذبة في القرآن (ما فيه مزدجر) قال ابن قتيبة: أي: متعظ ومنتهى.
قوله تعالى: (حكمة بالغة) قال الزجاج: هي مرفوعة لأنها بدل من " ما "، فالمعنى:
ولقد جاءهم حكمة بالغة. وإن شئت رفعتهما بإضمار: هو حكمة بالغة. و " ما " في قوله (فما تغن النذر) جائز أن يكون استفهاما بمعنى التوبيخ، فيكون المعنى: أي شئ تغني النذر؟!
وجائز أن يكون نفيا، على معنى، فليست تغني النذر. قال المفسرون: والمعنى: جاءهم القرآن وهو حكمة تامة قد بلغت الغاية، فما تغني النذر إذا لم يؤمنوا؟!
فتول عنهم يوم يدع الداع إلى شئ نكر (6) خشعا أبصارهم يخرجون من الأجداث كأنهم جراد منتشر (7) مهطعين إلى الداع يقول الكافرون هذا يوم عسر (8) (فتول عنهم) قال الزجاج: هذا وقف التمام، و (يوم) منصوب بقوله: " يخرجون من الأجداث ". وقال مقاتل: فتول عنهم إلى يوم (يدع الداعي) أثبت هذه الياء في الحالين يعقوب، وافقه أبو جعفر، وأبو عمرو في الوصل، وحذفها الأكثرون في الحالين. و " الداعي ":