من عند الرحمن ليلة القدر جملة واحدة، فوضع في السماء الدنيا، ثم أنزل نجوما. وقال مقاتل:
نزل القرآن كله في ليلة القدر من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا.
والثاني: أنها ليلة النصف من شعبان، قاله عكرمة.
قوله تعالى: (إنا كنا منذرين) أي: مخوفين عقابنا.
(فيها) أي: في تلك الليلة (يفرق كل) أي: يفصل. وقرأ أبو المتوكل، وأبو نهيك، ومعاذ القارئ: " يفرق " بفتح الياء وكسر الراء " كل " بنصب اللام (أمر حكيم) أي: محكم.
قال ابن عباس: يكتب من أم الكتاب في ليلة القدر ما هو كائن في السنة من الخير والشر والأرزاق والآجال، حتى الحاج، وإنك لترى الرجل يمشي في الأسواق وقد وقع اسمه في الموتى. وعلى ما روي عن عكرمة أن ذلك في ليلة النصف من شعبان، والرواية عنه بذلك مضطربة قد خولف الراوي لها، فروي عن عكرمة أنه قال: في ليلة القدر، وعلى هذا المفسرون.
قوله تعالى: (أمرا من عندنا) قال الأخفش: " أمرا " و " رحمة " منصوبان على الحال، المعنى: إنا أنزلناه آمرين أمرا وراحمين رحمة. قال الزجاج: ويجوز أن يكون منصوبا ب " يفرق " بمنزلة يفرق فرقا، لأن " أمرا " بمعنى " فرقا ". قال الفراء: ويجوز أن تنصب الرحمة بوقوع " مرسلين " عليها، فتكون الرحمة هي النبي صلى الله عليه وسلم. وقال مقاتل: " مرسلين " بمعنى منزلين هذا القرآن، أنزلناه رحمة لمن آمن به. وقال غيره: " أمرا من عندنا " أي: إنا نأمر بنسخ ما ينسخ من اللوح (إنا كنا مرسلين) الأنبياء، (رحمة) منا بخلقنا (رب السماوات) قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، وابن عامر: " رب " بالرفع. وقرأ حمزة، والكسائي، وأبو بكر عن عاصم: " رب " بكسر الباء. وما بعد هذا ظاهر إلى قوله: (بل هم) يعني الكفار (في شك) مما جئناهم به (يلعبون) يهزؤون به.
فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين (10) يغشى الناس هذا عذاب أليم (11) ربنا اكشف عنا العذاب إنا مؤمنون (12) أنى لهم الذكرى وقد جاءهم رسول مبين (13) ثم تولوا عنه وقالوا معلم مجنون (14) إنا كاشفوا العذاب قليلا إنكم عائدون (15) يوم نبطش البطشة الكبرى إنا منتقمون (16) (فارتقب) أي: فانتظر (يوم تأتي السماء بدخان مبين) اختلفوا في هذا الدخان ووقته