والثاني: أنها نزلت في عياش بن أبي ربيعة والوليد بن الوليد ونفر من المسلمين كانوا قد أسلموا، ثم عذبوا فافتتنوا، فكان أصحاب رسول الله يقولون: لا يقبل الله من هؤلاء صرفا ولا عدلا، قوم تركوا دينهم بعذاب عذبوه، فنزلت هذه الآية، فكتبها عمر إلى عياش والوليد وأولئك النفر، فأسلموا وهاجروا، وهذا قول ابن عمر.
والثالث: أنها نزلت في وحشي، وهذا القول ذكرناه مشروحا في آخر الفرقان عن ابن عباس.
والرابع: أن أهل مكة قالوا: يزعم محمد أن من عبد الأوثان وقتل النفس التي حرم الله لم يغفر له، فكيف نهاجر ونسلم وقد فعلنا ذلك؟! فنزلت هذه الآية، وهذا مروي عن ابن عباس أيضا.
ومعنى (أسرفوا على أنفسهم) ارتكبوا الكبائر، والقنوط بمعنى اليأس. (وأنيبوا) بمعنى ارجعوا إلى الله من الشرك والذنوب، (وأسلموا له) أي: أخلصوا له التوحيد. و " تنصرون " بمعنى تمنعون.
(واتبعوا أحسن ما أنزل إليكم) قد بيناه في قوله عز وجل: (يأخذوا بأحسنها).
أن تقول نفس يا حسرتي على ما فرطت في جنب الله وإن كنت لمن الساخرين (56) أو تقول لو أن الله هداني لكنت من المتقين (57) أو تقول حين ترى العذاب لو أن لي كرة فأكون من المحسنين (58) بلى قد جاءتك آياتي فكذبت بها واستكبرت وكنت من الكافرين (59) قوله تعالى: (أن تقول نفس) قال المبرد: المعنى: بادروا قبل أن تقول نفس، وحذرا من أن تقول نفس. وقال الزجاج: خوف أن تصيروا إلى حال تقولون فيها هذا القول ومعنى (يا حسرتا) يا ندامتا ويا حزنا. والتحسر: الاغتمام على ما فات. والألف في " يا حسرتا " هي ياء المتكلم، والمعنى: يا حسرتي، على الإضافة. قال الفراء: والعرب تحول الياء إلى الألف في كل كلام معناه