والذي قال لوالديه أف لكما أتعدانني أن أخرج وقد خلت القرون من قبلي وهما يستغيثان الله ويلك آمن إن وعد الله حق فيقول ما هذا إلا أساطير الأولين (17) أولئك الذين حق عليهم القول في أمم قد خلت من قبلهم من الجن والإنس إنهم كانوا خاسرين (18) ولكل درجات مما عملوا وليوفيهم أعمالهم وهم لا يظلمون (19) ويوم يعرض الذين كفروا على النار أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا واستمتعتم بها فاليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تستكبرون في الأرض بغير الحق وبما كنتم تفسقون (20) قوله تعالى: (والذي قال لوالديه أف لكما) قرأ أبو عمرو، وحمزة، والكسائي. وأبو بكر عن عاصم: " أف لكما " بالخفض من غير تنوين. وقرأ ابن كثير، وابن عامر: بفتح الفاء. وقرأ نافع، وحفص عن عاصم: " أف " بالخفض والتنوين. وقرأ ابن يعمر: " أف " بتشديد الفاء مرفوعة منونة.
وقرأ حميد، والجحدري: " أفا " بتشديد الفاء وبالنصب والتنوين. وقرأ عمرو بن دينار: " أف " بتشديد الفاء وبالرفع من غير تنوين. وقرأ أبو المتوكل، [وعكرمة]، وأبو رجاء: " أف لكما " بإسكان الفاء خفيفة. وقرأ أبو العالية، وأبو عمران: " أفي " بتشديد الفاء والياء ساكنة ممالة، وروي عن ابن عباس أنها نزلت في عبد الرحمن بن أبي بكر قبل إسلامه، كان أبواه يدعوانه إلى الإسلام، وهو يأبى، وعلى هذا جمهور المفسرين. وقد روي عن عائشة أنها كانت تنكر أن تكون الآية نزلت في عبد الرحمن، وتحلف على ذلك وتقول: لو شئت لسميت الذي نزلت فيه. قال الزجاج: وقول من قال: إنها نزلت في عبد الرحمن، باطل بقوله: (أولئك الذين حق عليهم القول) فأعلم الله أن هؤلاء لا يؤمنون، وعبد الرحمن مؤمن، والتفسير الصحيح أنا نزلت في الكافر العاق. وروي عن مجاهد أنها نزلت في عبد الله بن أبي بكر، وعن الحسن أنها نزلت في جماعة من كفار قريش قالوا ذلك لآبائهم.
قوله تعالى: (وقد خلت القرون من قبلي) فيه قولان:
أحدهما: مضت القرون فلم يرجع منهم أحد، قاله مقاتل.
والثاني: مضت القرون مكذبة بهذا، قاله أبو سليمان الدمشقي.
قوله تعالى: (وهما يستغيثان الله) أي: يدعوان الله له بالهدى ويقولان له: (ويلك آمن) أي: صدق بالبعث، (فيقول ما) الذي تقولان (إلا أساطير الأولين) وقد سبق شرحها.