ويا قوم إني أخاف عليكم يوم التناد (32) يوم تولون مدبرين مالكم من الله من عاصم ومن يضلل الله فما له من هاد (33) ولقد جاءكم يوسف من قبل بالبينات فما زلتم في شك مما جاءكم به حتى إذا هلك قلتم لن يبعث الله من بعده رسولا كذلك يضل الله من هو مسرف مرتاب (34) (وقال فرعون ذروني أقتل موسى) وإنما قال هذا: لأنه كان في خاصة فرعون من يمنعه من قتله خوفا من الهلاك (وليدع ربه) الذي يزعم أنه أرسله فليمنعه من القتل (إني أخاف أن يبدل دينكم) أي: عبادتكم إياي (وأن يظهر في الأرض الفساد) قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، وابن عامر: " وأن " بغير ألف. وقرأ عاصم، وحمزة، والكسائي: " أو أن " بألف قبل الواو على معنى: إن لم يبدل دينكم أوقع الفساد، إلا أن نافعا وأبا عمرو قرآ: " يظهر " بضم الياء " الفساد " بالنصب. وقرأ الباقون: " يظهر " بفتح الياء " الفساد " بالرفع، والمعنى: يظهر الفساد بتغيير أحكامنا، فجعل ذلك فسادا بزعمه، وقيل: يقتل أبناءكم كما تفعلون بهم.
فلما قال فرعون هذا، استعاذ موسى بربه فقال: (أني عذت بربي وربكم) قرأ ابن كثير، وعاصم، وابن عامر: " عذت " مبينة الذال، وأدغمها أبو عمرو، وحمزة، والكسائي، وأبو جعفر، وخلف (من كل متكبر) أي: متعظم عن الإيمان فقصد فرعون قتل موسى: فقال: حينئذ (رجل مؤمن من آل فرعون...) وفي الآل هاهنا قولان:
أحدهما: بمعنى الأهل والنسب، قال السدي ومقاتل: كان ابن عم فرعون، وهو المراد بقوله تعالى: (وجاء رجل من أقصى المدينة يسعى) والثاني: أنه بمعنى القبيلة والعشيرة، قال قتادة ومقاتل: كان قبطيا. وقال قوم: كان إسرائيليا، وإنما المعنى: قال رجل مؤمن يكتم إيمانه من آل فرعون وفي اسمه خمسة أقوال:
أحدها: حزبيل، قاله ابن عباس، ومقاتل.
والثاني: حبيب، قاله كعب. والثالث: سمعون، بالسين المهملة، قاله شعيب الجبائي.
والرابع: جبريل. والخامس: شمعان، بالشين المعجمة، رويا عن ابن إسحاق، وكذلك حكى الزجاج " شمعان " بالشين، وذكره ابن ماكولا بالشين المعجمة أيضا. والأكثرون على أنه آمن بموسى لما جاء. وقال الحسن: كان مؤمنا قبل مجيء موسى. وكذلك امرأة فرعون، قال مقاتل: كتم إيمانه