تحبرون (70) يطاف عليهم بصحاف من ذهب وأكواب وفيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين وأنتم فيها خالدون (71) وتلك الجنة التي أورثتموها بما كنتم تعملون (72) لكم فيها فاكهة كثيرة منها تأكلون (73) قوله تعالى: (الأخلاء) أي: في الدنيا (يومئذ) أي: في القيامة (بعضهم لبعض عدو) لأن الخلة إذا كانت في الكفر والمعصية صارت عداوة يوم القيامة، وقال مقاتل: نزلت في أمية بن خلف وعقبة بن أبي معيط (إلا المتقين) يعني الموحدين. فإذا وقع الخوف يوم القيامة نادى مناد (يا عباد لا خوف عليكم اليوم ولا أنتم تحزنون)، فيرفع الخلائق رؤوسهم، فيقول:
(الذين آمنوا بآياتنا وكانوا مسلمين)، فينكس الكفار رؤوسهم. قرأ نافع، وأبو عمرو، وابن عامر، وأبو بكر عن عاصم: " يا عبادي " بإثبات الياء في الحالين وإسكانها، وحذفها في الحالين ابن كثير، وحمزة، والكسائي، وحفص، والمفضل عن عاصم، وخلف.
وفي أزواجهم قولان: أحدهما: زوجاتهم. والثاني: قرناؤهم. وقد سبق معنى (تحبرون).
قوله تعالى: (يطاف عليهم بصحاف) قال الزجاج: واحدها صحفة، وهي القصعة.
والأكواب، واحدها: كوب، وهو إناء مستدير لا عروة له، قال الفراء: الكوب: الكوز المستدير الرأس الذي لا أذن له، وقال عدي:
متكئا تصفق أبوابه * يسعى عليه العبد بالكوب وقال ابن قتيبة: الأكواب: الأباريق التي لا عرى لها. وقال شيخنا أبو منصور اللغوي:
وإنما كانت بغير عرى ليشرب الشارب من أين شاء، لأن العروة ترد الشارب من بعض الجهات.
قوله تعالى: (وفيها ما تشتهي الأنفس) وقرأ نافع، وابن عامر، وحفص عن عاصم:
" تشتهيه " بزيادة هاء. وحذف الهاء كإثباتها في المعنى.
قوله تعالى: (وتلذ الأعين) يقال: لذذت الشيء، واستلذذته، والمعنى: ما من شيء اشتهته نفس أو استلذته بعد عين إلا وهو في الجنة، وقد جمع الله تعالى جميع نعيم الجنة في هذين الوصفين، فإنه ما من نعمة إلا وهي نصيب النفس أو العين، وتمام النعيم الخلود، لأنه لو انقطع لم تطب.