إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد (51) يوم لا ينفع الظالمين معذرتهم ولهم اللعنة ولهم سوء الدار (52) قوله تعالى: (وإذ يتحاجون في النار) المعنى: واذكر لقومك يا محمد إذ يختصمون، يعني أهل النار، والآية مفسرة في إبراهيم والذين استكبروا هم القادة. ومعنى (إنا كل فيها) أي: نحن وأنتم، (إن الله قد حكم بين العباد) أي: قضى هذا علينا وعليكم. ومعنى قول الخزنة لهم:
(فادعوا) أي: نحن لا ندعو لكم (وما دعاء الكافرين إلا في ضلال) أي: إن ذلك يبطل ولا ينفع. (إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا) فيه ثلاثة أقوال:
أحدها: أن ذلك بإثبات حججهم.
والثاني: بإهلاك عدوهم.
والثالث: بأن العاقبة تكون لهم. وفصل الخطاب: أن نصرهم حاصل لابد منه، فتارة يكون بإعلاء أمرهم كما أعطى داود وسليمان من الملك ما قهرا به كل كافر، وأظهر محمدا صلى الله عليه وسلم على مكذبيه، وتارة يكون بالانتقام من مكذبيهم بإنجاء الرسل وإهلاك أعدائهم، كما فعل بنوح وقومه وموسى وقومه، وتارة يكون بالانتقام من مكذبيهم بعد وفاة الرسل، كتسليطه بختنصر على قتلة يحيى بن زكريا. وأما نصرهم يوم يقوم الأشهاد، فإن الله منجيهم من العذاب، وواحد الأشهاد شاهد، كما أن واحد الأصحاب صاحب. وفي الأشهاد ثلاثة أقوال:
أحدها: الملائكة، شهدوا للأنبياء بالإبلاغ وعلى الأمم بالتكذيب، قاله مجاهد، والسدي.
قال مقاتل: وهم الحفظة من الملائكة.
والثاني: الملائكة والأنبياء، قاله قتادة.
والثالث: أنهم أربعة: الأنبياء والملائكة والمؤمنون والجوارح قاله ابن زيد.
قوله تعالى: (يوم لا ينفع) قرأ ابن كثير، وأبو عمرو: " تنفع " بالتاء، والباقون بالياء، لأن المعذرة والاعتذار بمعنى (الظالمين معذرتهم) أي: لا يقبل منهم إن اعتذروا (ولهم اللعنة) أي:
البعد من الرحمة. وقد بينا في الرعد أن " لهم " بمعنى " عليهم "، و (سوء الدار): النار.
ولقد آتينا موسى الهدى وأورثنا بني إسرائيل الكتاب (53) هدى وذكرى لأولى