قوله تعالى: (وما أنتم بمعجزين في الأرض) إن أراد الله عقوبتكم، وهذا يدخل فيه الكفار والعصاة كلهم.
ومن آياته الجوار في البحر كالأعلام (32) إن يشأ يسكن الريح فيظللن رواكد على ظهره إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور (33) أو يوبقهن بما كسبوا ويعف عن كثير (34) ويعلم الذين يجادلون في آياتنا مالهم من محيص (35) فما أوتيتم من شئ فمتاع الحياة الدنيا وما عند الله خير وأبقى للذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون (36) قوله تعالى: (ومن آياته الجواري في البحر) والمراد بالجوار: السفن. قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو: " الجواري " بياء في الوصل، إلا أن ابن كثير يقف أيضا بياء، وأبو عمرو بغير ياء، ويعقوب يوافق ابن كثير، والباقون بغير ياء في الوصل والوقف، قال أبو علي: والقياس ما ذهب إليه ابن كثير، ومن حذف، فقد كثر حذف مثل هذا في كلامهم.
(كالأعلام) قال ابن قتيبة: كالجبال، واحدها: علم. وروي عن الخليل بن أحمد أنه قال: كل شيء مرتفع - عند العرب - فهو علم.
قوله تعالى: (إن يشأ يسكن الريح) التي تجريها (فيظللن) يعني الجواري (رواكد على ظهره) أي: سواكن على ظهر البحر لا يجرين.
(أو يوبقهن) أي: يهلكهن ويغرقهن، والمراد أهل السفن، ولذلك قال: (بما كسبوا) أي:
من الذنوب (ويعف عن كثير) من ذنوبهم، فينجيهم من الهلاك.
(ويعلم الذين يجادلون) قرأ نافع، وابن عامر: " ويعلم " بالرفع على الاستئناف وقطعه من الأول: وقرأ الباقون بالنصب، قال الفراء: هو مردود على الجزم، إلا أنه صرف، والجزم إذا صرف عنه معطوفه نصب. وللمفسرين في معنى الآية قولان:
أحدهما: ويعلم الذين يخاصمون في آيات الله حين يؤخذون بالغرق أنه لا ملجأ لهم والثاني: أنهم يعلمون بعد البعث أنه لا مهرب لهم من العذاب.
قوله تعالى: (فما أوتيتم من شيء) أي: ما أعطيتم من الدنيا فهو متاع تتمتعون به، ثم يزول سريعا، (وما عند الله خير وأبقى للذين آمنوا) لا للكافرين، لأنه إنما أعد لهم في الآخرة العذاب.