فقال لأهله: إن بصاحبكم جنونا فأعالجه؟ يقول قالوا: نعم، فقال لهم: إني لا أقوى على جنيه، ولكن سأرشدكم إلى من يدعو له فيعافى، فانطلقوا إليه فسألوه فدعا بتلك الكلمات، فذهب عنه الشيطان، وكان الأبيض يفعل بالناس ذلك، ثم يرشدهم إلى برصيصا، فيعافون، إلى أن انطلق إلى جارية من بنات ملوك إسرائيل، لها ثلاثة إخوة، فخنقها، ثم جاء إليهم في صورة متطبب، فقال: أعالجها؟ قالوا: نعم. قال: إن الذي عرض لها مارد لا يطاق، ولكن سأرشدكم إلى رجل تدعونها عنده، فإذا جاء شيطانها دعا لها، قالوا: ومن هو؟ قال:
بريصصا، قالوا: وكيف لنا أن يقبلها منا، وهو أعظم شأنا من ذلك؟! قال: إن قبلها، وإلا [فضعوها] في صومعته، وقولوا له: هي أمانة عندك، فانطلقوا اليه، فأبى عليهم، فوضعوها عنده. وفي بعض الروايات أنه قال: ضعوها في ذلك الغار، وهو غار إلى جنب صومعته، فوضعوها، فجاء الشيطان فقال له: انزل إليها فامسحها لأن بيدك تعافى، وتنصرف إلى أهلها، فنزل، فلما دنا إلى باب الغار دخل الشيطان فيها، فإذا هي ترتكض، فسقطت عنها ثيابها، فنظر العابد إلى شيء لم ير مثله حسنا وجمالا، فلم يتمالك أن وقع عليها، وضرب على أذنه، فجعل يختلف إليها إلى أن حملت، فقال له الشيطان: ويحك يا برصيصا قد افتضحت، فهل لك أن تقتل هذه وتتوب؟! فإن سألوك عنها قلت: [جاء] شيطانها، فذهب بها، فلم يزل بها حتى قتلها، ودفنها، ثم رجع إلى صومعته، فأقبل على صلاته إذ جاء إخوتها يسألون عنها، فقالوا: يا برصيصا! ما فعلت أختنا؟: قد جاء شيطانها فذهب بها، ولم أطقه، فصدقوه، وانصرفوا. وفي بعض الروايات أنه قال: دعوت لها، فعافاها الله، ورجعت إليكم، فتفرقوا ينظرون لها أثرا، فلما أمسوا جاء الشيطان إلى كبيرهم في منامه، فقال: ويحك: إن برصيصا فعل بأختك كذا وكذا، وإنه دفنها في موضع كذا من جبل كذا، فقال: هذا حلم، وبرصيصا خير من ذلك، فتتابع عليه ثلاث ليال، وهو لا يكترث، فانطلق إلى الأوسط كذلك، ثم