تفسير قوله: (ما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى) وجائز أن يكون تفسيرا ل (ما وصى به نوحا) ولقوله: (والذي أوحينا إليك) ولقوله: (وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى)، فيكون المعنى:
شرع لكم ولمن قبلكم إقامة الدين وترك الفرقة، وشرع الاجتماع على اتباع الرسل وقال مقاتل:
(أن أقيموا الدين) يعني التوحيد (ولا تتفرقوا فيه) أي: لا تختلفوا (كبر على المشركين) أي:
عظم على مشركي مكة (ما تدعوهم إليه) يا محمد من التوحيد.
قوله تعالى: (الله يجتبي إليه) أي: يصطفي من عباده لدينه (من يشاء ويهدي) إلى دينه، (من ينيب) أي: يرجع إلى طاعته.
ثم ذكر افتراقهم بعد أن أوصاهم بترك الفرقة، فقال: (وما تفرقوا) يعني أهل الكتاب (إلا من بعد ما جاءهم العلم) فيه ثلاثة أقوال:
أحدها: من بعد كثرة علمهم للبغي.
والثاني: من بعد أن علموا أن الفرقة ضلال.
والثالث: من بعد ما جاءهم القرآن، بغيا منهم على محمد صلى الله عليه وسلم.
(ولولا كلمة سبقت من ربك) في تأخير المكذبين من هذه الأمة إلى يوم القيامة، (لقضي بينهم) بإنزال العذاب على المكذبين (وإن الذين أورثوا الكتاب) يعني اليهود والنصارى (من بعدهم) أي: من بعد أنبيائهم (لفي شك منه) أي: من محمد صلى الله عليه وسلم فلذلك فادع واستقم كما أمرت ولا تتبع أهواءهم وقل آمنت بما أنزل الله من كتاب وأمرت لأعدل بينكم الله ربنا وربكم لنا أعمالنا ولكم أعمالكم لا حجة بيننا وبينكم الله يجمع بيننا وإليه المصير (15) والذين يحاجون في الله من بعد ما استجيب له حجتهم داحضة عند ربهم وعليهم غضب ولهم عذاب شديد (16) قوله تعالى: (فلذلك فادع) قال الفراء: المعنى، فإلى ذلك، تقول: دعوت إلى فلان، ودعوت لفلان، و " ذلك " بمعنى " هذا "، وللمفسرين فيه قولان:.
أحدهما: أنه القرآن، قاله ابن السائب.
والثاني: أنه التوحيد، قاله مقاتل.
قوله تعالى: (ولا تتبع أهواءهم) يعني أهل الكتاب، لأنهم دعوه إلى دينهم.