سيقول لك المخلفون من الأعراب شغلتنا أموالنا وإن وأهلونا فاستغفر لنا يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم قل فمن يملك لكم من الله شيئا إن أراد بكم ضرا أو أراد بكم نفعا بل كان الله بما تعملون خبيرا (11) بل ظننتم أن لن ينقلب الرسول والمؤمنون إلى أهليهم أبدا وزين ذلك في قلوبكم وظننتم ظن السوء وكنتم قوما بورا (12) ومن لم يؤمن بالله ورسوله فإنا اعتدنا للكافرين سعيرا (13) ولله ملك السماوات والأرض يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء وكان الله غفورا رحيما (14) قوله تعالى: (سيقول لك المخلفون من الأعراب) قال ابن إسحاق: لما أراد العمرة استنفر من حول المدينة من أهل البوادي والأعراب ليخرجوا معه، خوفا من قومه أن يعرضوا له بحرب أو بصد، فتثاقل عنه كثير منهم، فهم الذين عنى الله بقوله: " سيقول لك المخلفون من الأعراب "، قال أبو صالح، عن ابن عباس: وهم غفار ومزينة وأشجع والديل وأسلم. قال يونس النحوي:
الديل في عبد القيس ساكن الياء. والدول من حنيفة ساكن الواو، والدئل في كنانة رهط أبي الأسود الدؤلي. فأما المخلفون، فإنهم تخلفوا مخافة القتل. (شغلتنا أموالنا وأهلونا) أي: خفنا عليهم الضيعة (فاستغفر لنا) أي: ادع الله أن يغفر لنا تخلفنا عنك (يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم) أي: ما يبالون استغفرت لهم أم لم تستغفر لهم.
قوله تعالى: (فمن يملك لكم من الله شيئا إن أراد بكم ضرا) قرأ حمزة، والكسائي، وخلف: " ضرا " بضم الضاد، والباقون: بالفتح. قال أبو علي: " الضر " بالفتح: خلاف النفع، وبالضم: سوء الحال، ويجوز أن يكونا لغتين كالفقر والفقر، وذلك أنهم ظنوا أن تخلفهم يدفع عنهم الضر، ويعجل لهم النفع بسلامة أنفسهم وأموالهم، فأخبرهم الله تعالى أنه إن أراد بهم شيئا، لم يقدر أحد على دفعه عنهم، (بل كان الله بما تعملون خبيرا) من تخلفهم وقولهم عن المسلمين أنهم سيهلكون، وذلك قوله: (بل ظننتم) أي: توهمتم (أن لن ينقلب الرسول والمؤمنون إلى أهليهم) أي لا يرجعون إلى المدينة، لاستئصال العدو إياهم: (وزين ذلك في قلوبكم) وذلك من تزيين الشيطان.
قوله تعالى: (وكنتم قوما بورا) قد ذكرناه في الفرقان.