لأن التأسي يسهل المصيبة، وأنشد للخنساء أخت صخر بن مالك في هذا المعنى:
ولولا كثرة الباكين حولي * على إخوانهم لقتلت نفسي وما يبكون مثل أخي ولكن * أعزي النفس عنه بالتأسي وقرأ ابن عامر: " إنكم " بكسر الألف.
ثم أخبر عنهم بما سبق لهم من الشقاوة بقوله: (أفأنت تسمع الصم...) الآية.
فإما نذهبن بك فإنا منهم منتقمون (41) أو نرينك الذي وعدناهم فإنا عليهم مقتدرون (42) فاستمسك بالذي أوحى إليك إنك على صراط مستقيم (43) وإنه لذكر لك ولقومك وسوف تسئلون (44) قوله تعالى: (فإما نذهبن بك) قال أبو عبيدة: معناها: فإن نذهبن، وقال الزجاج:
دخلت " ما " توكيدا للشرط، ودخلت النون الثقيلة في " نذهبن " توكيدا أيضا، والمعنى: إنا ننتقم منهم إن توفيت أو نرينك ما وعدناهم ووعدناك فيهم من النصر. قال ابن عباس: ذلك يوم بدر.
وذهب بعض المفسرين إلى أن قوله: (فإما نذهبن بك) منسوخ بآية السيف، ولا وجه له.
قوله تعالى: (وإنه) يعني القرآن (لذكر لك) أي: شرف لك بما أعطاك الله (ولقومك) في قومه ثلاثة أقوال.
أحدها: العرب قاطبة.
والثاني: قريش.
والثالث: جميع من آمن به. وقد روى الضحاك عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا سئل:
لمن هذا الأمر من بعدك؟ لم يخبر بشيء، حتى نزلت هذه الآية، فكان بعد ذلك إذا سئل قال:
" لقريش " وهذا يدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم فهم من هذا أنه يلي على المسلمين بحكم النبوة وشرف القرآن، وأن قومه يخلفونه من بعده في الولاية لشرف القرآن الذي أنزل على رجل منهم. ومذهب مجاهد أن القوم هاهنا: العرب، والقرآن شرف لهم إذ أنزل بلغتهم. قال ابن قتيبة: إنما وضع الذكر موضع الشرف، لأن الشريف يذكر. وفي قوله: (وسوف تسألون) قولان. أحدهما: عن شكر ما أعطيتم من ذلك. والثاني: عما لزمكم فيه من الحقوق.
وسئل أرسلنا من قبلك من رسلنا أجعلنا من دون الرحمن آلهة يعبدون (45)