أولم يروا أن الله الذي خلق السماوات والأرض ولم يعي بخلقهن بقادر على أن يحي الموتى بلى إنه على كل شئ قدير (33) ويوم يعرض الذين كفروا على النار أليس هذا بالحق قالوا بلى وربنا قال فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون (34) فاصبر كما صبر أولوا العزم من الرسل ولا تستعجل لهم كأنهم يوم يرون ما يوعدون لم يلبثوا إلا ساعة من نهار بلاغ فهل يهلك إلا القوم الفاسقون (25) ثم احتج على إحياء الموتى بقوله: (أولم يروا...) إلى آخر الآية. والرؤية هاهنا بمعنى العلم.
(ولم يعي) أي: لم يعجز عن ذلك، يقال: عي فلان بأمره، إذا لم يهتد له ولم يقدر عليه.
قال الزجاج: يقال: عييت بالأمر، إذا لم تعرف وجهه، وأعييت، إذا تعبت.
قوله تعالى: (بقادر) قال أبو عبيدة والأخفش: الباء زائدة مؤكدة. وقال الفراء: العرب تدخل الباء مع الجحد، مثل قولك: ما أظنك بقائم، وهذا قول الكسائي، والزجاج: وقرأ يعقوب: " يقدر " بياء مفتوحة مكان الباء وسكون القاف ورفع الراء من غير ألف. وما بعد هذا ظاهر إلى قوله: (كما صبر أولوا العزم) أي: ذوو الحزم والصبر، وفيهم عشرة أقوال:
أحدها: أنهم نوح، وإبراهيم،، وموسى، وعيسى، ومحمد صلى الله عليه وسلم، رواه الضحاك عن ابن عباس، وبه قال مجاهد، وقتادة، وعطاء الخراساني، وابن السائب.
والثاني: نوح، وهود، وإبراهيم * ومحمد صلى الله عليهم وسلم، قاله أبو العالية الرياحي.
والثالث: أنهم الذين لم تصبهم فتنة من الأنبياء، قاله الحسن.
والرابع: أنهم العرب من الأنبياء، قاله مجاهد، والشعبي.
والخامس: أنهم إبراهيم، وموسى، وداود، وسليمان، وعيسى، ومحمد صلى الله عليه وسلم، قاله السدي.
والسادس: أن منهم إسماعيل، ويعقوب، وأيوب، وليس منهم آدم، ولا يونس، ولا سليمان، قاله ابن جريج.
والسابع: أنهم الذين أمروا بالجهاد والقتال، قاله ابن السائب، وحكي عن السدي والثامن: أنهم جميع الرسل، فإن الله لم يبعث رسولا إلا كان من أولي العزم، قاله ابن زيد، واختاره ابن الأنباري، وقال: " من " دخلت للتجنيس لا للتبعيض، كما تقول: قد رأيت الثياب من الخز والجباب من القز.