ثم ذكر سبب افتراقهم فقال: (ولو شاء الله لجعلهم أمة واحدة) أي: على دين واحد، كقوله: (لجمعهم على الهدى) (ولكن يدخل من يشاء في رحمته) أي: في دينه (والظالمون) وهم الكافرون (مالهم من ولي) يدفع عنهم العذاب (ولا نصير) يمنعهم منه.
(أم اتخذوا من دونه) أي: بل اتخذ الكافرون من دون الله (أولياء) يعني آلهة يتولونهم (فالله هو الولي) أي: ولي أوليائه، فليتخذوه وليا دون الآلهة، وقال ابن عباس: وليك يا محمد وولي من اتبعك.
وما اختلفتم فيه من شئ فحكمه إلى الله ذلكم الله ربي عليه توكلت وإليه أنيب (10) فاطر السماوات والأرض جعل لكم من أنفسكم أزواجا ومن الأنعام أزواجا يذرؤكم فيه ليس كمثله شئ وهو السميع البصير (11) له مقاليد السماوات والأرض يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر إنه بكل شئ عليم (12) شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه كبر على المشركين ما تدعوهم إليه الله يجتبى إليه من يشاء ويهدي إليه من ينيب (13) وما تفرقوا إلا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم ولولا كلمة سبقت من ربك إلى أجل مسمى لقضى بينهم وإن الذين أورثوا الكتاب من بعدهم لفي شك منه مريب (14) قوله تعالى: (وما اختلفتم فيه من شيء) أي: من أمر الدين، وقيل: بل هو عام (فحكمه إلى الله) فيه قولان.
أحدهما: علمه عند الله.
والثاني: هو يحكم فيه. قال مقاتل: وذلك أن أهل مكة كفر بعضهم بالقرآن، وآمن بعضهم، فقال الله: أنا الذي أحكم فيه (ذلكم الله) الذي يحكم بين المختلفين هو (ربي عليه توكلت) في مهماتي (إليه أنيب) أي: أرجع في المعاد.
(فاطر السماوات) قد سبق بيانه، (جعل لكم من أنفسكم) أي: من مثل خلقكم