والثاني: يسارقون النظر، قاله قتادة، والسدي.
والثالث: ينظرون ببعض العين، قاله أبو عبيدة.
والرابع: أنهم ينظرون إلى النار بقلوبهم، لأنهم قد حشروا عميا، فلم يروها بأعينهم، حكاه الفراء، والزجاج، وما بعد هذا قد سبق بيانه إلى قوله: (ينصرونهم من دون الله) أي:
يمنعونهم من عذاب الله.
استجيبوا لربكم من قبل أن يأتي يوم لا مرد له من الله مالكم من ملجأ يومئذ وما لكم من نكير (47) فإن أعرضوا فما أرسلناك عليهم حفيظا إن عليك إلا البلاغ وإنا إذا أذقنا الإنسان منا رحمة فرح بها وإن تصبهم سيئة بما قدمت أيديهم فإن الإنسان كفور (48) لله ملك السماوات والأرض يخلق ما يشاء يهب لمن يشاء إناثا ويهب لمن يشاء الذكور (49) أو يزوجهم ذكرانا وإناثا ويجعل من يشاء عقيما إنه عليم قدير (50) قوله تعالى: (استجيبوا لربكم) أي: أجيبوه، فقد دعاكم برسوله (من قبل أن يأتي يوم) وهو يوم القيامة (لا مرد له من الله) أي: لا يقدر أحد على رده ودفعه (ما لكم من ملجأ) تلجؤون إليه، (وما لكم من نكير) قال مجاهد: من ناصر ينصركم، وقال غيره: من قدرة على تغيير ما نزل بكم.
(فإن أعرضوا) عن الإجابة (فما أرسلناك عليهم حفيظا) لحفظ أعمالهم (إن عليك إلا البلاغ) أي: ما عليك إلا أن تبلغهم. وهذا عند المفسرون منسوخ بآية السيف.
قوله تعالى: (وإنا إذا أذقنا الإنسان منا رحمة فرح بها) قال المفسرون: المراد به: الكافر، والرحمة: الغنى والصحة والمطر ونحو ذلك، والسيئة: المرض والفقر والقحط، والإنسان هاهنا:
اسم جنس، فلذلك قال: (وإن تصبهم سيئة بما قدمت أيديهم) أي: بما سلف من مخالفتهم (فإن الإنسان كفور) بما سلف من النعم.
(لله ملك السماوات والأرض) أي: له التصرف فيها بما يريد، (يهب لمن يشاء إناثا) يعني البنات ليس فيهن ذكر، كما وهب للوط صلى الله عليه وسلم، فلم يولد له إلا البنات (ويهب لمن يشاء الذكور) يعني البنين ليس معهم أنثى، كما وهب لإبراهيم عليه الصلاة والسلام، فلم يولد له إلا الذكور.