والثاني: لقد رأى من آيات ربه الآية الكبرى. وللمفسرين في المراد بما رأى من الآيات ثلاثة أقوال.
أحدها: أنه رأى رفرفا أخضر من الجنة قد سد الأفق، قاله ابن مسعود.
والثاني: أنه رأى جبريل في صورته التي يكون عليها في السماوات، قاله ابن زيد.
والثالث: أنه رأى من أعلام ربه وأدلته الأعلام والأدلة الكبرى، قاله ابن جرير.
أفرأيتم اللات والعزى (19) ومناة الثالثة الأخرى (20) ألكم الذكر وله الأنثى (21) تلك إذا قسمة ضيزى (22) إن هي إلا أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان إن يتبعون إلا الظن وما تهوى الأنفس ولقد جاءهم من ربهم الهدى (23) أم للإنسان ما تمنى (24) فلله الآخرة والأولى (25) * وكم من ملك في السماوات لا تغني شفاعتهم شيئا إلا من بعد أن يأذن الله لمن يشاء ويرضى (26) قال الزجاج: فلما قص الله تعالى هذه الأقاصيص قال: (أفرأيتم اللات والعزى) المعنى:
أخبرونا عن هذه الآلهة التي تعبدونها هل لها من القدرة والعظمة التي وصف بها رب العزة شيء؟!.
فأما " اللات " فقرأ الجمهور بتخفيف التاء، وهو اسم صنم كان لثقيف اتخذوه من دون الله، وكانوا يشتقون لأصنامهم من أسماء الله تعالى، فقالوا من " الله ": اللات: ومن " العزيز ": العزى. قال أبو سليمان الخطابي: كان المشركون يتعاطون " الله " اسما لبعض أصنامهم " فصرفه الله إلى اللات صيانة لهذا الاسم وذبا عنه. وقرأ ابن عباس، وأبو رزين: وأبو عبد الرحمن السلمي، والضحاك، وابن السميفع، ومجاهد، وابن يعمر، والأعمش، وورش عن يعقوب: " اللات " بتشديد التاء، ورد في تفسير ذلك عن ابن عباس ومجاهد أن رجلا كان يلت السويق للحاج، فلما مات عكفوا على قبره فعبدوه. وقال الزجاج: زعموا أن رجلا كان يلت السويق ويبيعه عند ذلك الصنم، فسمي الصنم:
اللات. وكان الكسائي يقف عليها بالهاء، فيقول: " اللاه "، وهذا قياس، والأجود الوقف بالتاء، لاتباع المصحف. وأما " العزى " ففيها قولان:
أحدهما: أنها شجرة لغطفان كانوا يعبدونها، قاله مجاهد.
والثاني: صنم لهم، قاله الضحاك. قال: وأما " مناة " فهو صنم لهذيل وخزاعة يعبده أهل مكة.