كذب قوم لوط بالنذر (33) إنا أرسلنا عليهم حاصبا إلا آل لوط نجيناهم بسحر نعمة من عندنا كذلك نجزي من شكر (35) ولقد أنذرهم بطشتنا فتماروا بالنذر (36) ولقد راودوه عن ضيفه فطمسنا أعينهم فذوقوا عذابي ونذر (37) ولقد صبحهم بكرة عذاب مستقر (38) فذوقوا عذابي ونذر (39) ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر (40) قوله تعالى: (إنا أرسلنا عليهم حاصبا) قال المفسرون: هي الحجارة التي قذفوا بها (إلا آل لوط) يعني لوط وابنتيه (نجيناهم) من ذلك العذاب (بسحر) قال الفراء: " سحر " ها هنا يجري لأنه نكرة، كقوله: نجيناهم بليل، فإذا ألقت العرب منه الباء لم يجر، لأن لفظهم به بالألف واللام، يقولون: ما زال عندنا منذ السحر، لا يكادون يقولون غيره، فإذا حذفت منه الألف واللام لم يصرف. وقال الزجاج: إذا كان السحر نكرة يراد به سحر من الأسحار، انصرف، فإذا أردت سحر يومك، لم ينصرف.
قوله تعالى: (كذلك نجزي من شكر) قال مقاتل: من وحد الله تعالى لم يعذب مع المشركين.
قوله تعالى: (ولقد راودوه عن ضيفه) أي: طلبوا أن يسلم إليهم أضيافه، وهم الملائكة (فطمسنا أعينهم) وهو أن جبريل ضرب أعينهم بجناحه فأذهبا. وقد ذكرنا القصة في سورة هود. وتم الكلام ها هنا، ثم قال: (فذوقوا) أي: فقلنا لقوط لوط لما جاءهم العذاب:
ذوقوا (عذابي ونذر) أي: ما أنذركم به لوط، (ولقد صبحهم بكرة) أي: أتاهم صباحا (عذاب مستقر) أي: نازل بهم. قال مقاتل: استقر بهم العذاب بكرة. قال الفراء: و العرب تجري " غدوة " و " بكرة " ولا تجريهما، وأكثر الكلام في " غدوة " ترك الإجراء، وأكثر في " بكرة " أن تجري، فمن لم يجرها جعلها معرفة، لأنها اسم يكون أبدا في وقت واحد بمنزلة " أمس " و " غد "، وأكثر ما تجري العرب " غدوة " إذا قرنت بعشية، يقولون: إني لآتيهم غدوة وعشية، وبعضهم يقول: " غدوة " فلا يجريها و " عشية " فيجريها، ومنهم من لا يجري " عشية " لكثرة ما صحبت " غدوة ". وقال الزجاج: الغدوة والبكرة إذا كانتا نكرتين نونتا وصرفتا، فإذا أردت بهما بكرة يومك وغداة يومك، لم تصرفهما، والبكرة ها هنا نكرة، فالصرف أجود، لأنه لم يثبت رواية في أنه كان في يوم كذا في شهر كذا.