قوله تعالى: (فاستخف قومه) قال الفراء: استفزهم، وقال غيره: استخف أحلامهم وحملهم على خفة الحلم بكيده وغروره (فأطاعوه) في تكذيب موسى.
(فلما آسفونا) قال ابن عباس: أغضبونا. قال ابن قتيبة: الأسف: الغضب، يقال: آسفت آسف أسفا، أي: غضبت.
(فجعلناهم سلفا) أي: قوما تقدموا. وقرأها أبو هريرة، وسعيد بن جبير، ومجاهد، وحميد الأعرج: " سلفا " بضم السين وفتح اللام، كأن واحدته سلفة من الناس، مثل القطعة، يقال: تقدمت سلفة من الناس، أي: قطعة منهم. وقرأ حمزة، والكسائي: " سلفا " بضم السين واللام، وهو جمع " سلف "، كما قالوا: خشب وخشب، وثمر وثمر، ويقال: هو جمع " سليف "، وكله من التقدم. وقال الزجاج: " السليف " جمع قد مضى، والمعنى: جعلناهم سلفا متقدمين ليتعظ بهم الآخرون.
قوله تعالى: (ومثلا) أي: عبرة وعظة.
ولما ضرب ابن مريم مثلا إذا قومك منه يصدون (57) وقالوا أآلهتنا خير أم هو ما ضربوه لك إلا جدلا بل هم قوم خصمون (58) إن هو إلا عبد أنعمنا عليه وجعلناه مثلا لبني إسرائيل (59) ولو نشاء لجعلنا منكم ملائكة في الأرض يخلفون (60) وإنه لعلم للساعة فلا تمترن بها واتبعون هذا صراط مستقيم (61) ولا يصدنكم الشيطان إنه لكم عدو مبين (62) ولما جاء عيسى بالبينات قال قد جئتكم بالحكمة ولأبين لكم بعض الذي تختلفون فيه فاتقوا الله وأطيعون (63) إن الله هو ربي وربكم فاعبدوه هذا صراط مستقيم (64) فاختلف الأحزاب من بينهم فويل للذين ظلموا من عذاب يوم أليم (65) هل ينظرون إلا الساعة أن تأتيهم بغتة وهم لا يشعرون (66) قوله تعالى: (ولما ضرب ابن مريم مثلا) أكثر المفسرين على أن هذه الآية نزلت في مجادلة ابن الزبعرى رسول الله صلى الله عليه وسلم حين نزل قوله: (إنكم وما تعبدون من دون الله...) الآية. وقد شرحنا