ولقد أرسلنا موسى بآياتنا إلى فرعون وملأه فقال إني رسول رب العالمين (46) فلما جاءهم بآياتنا إذا هم منها يضحكون (47) وما نريهم من آية إلا هي أكبر من أختها وأخذناهم بالعذاب لعلهم يرجعون (48) وقالوا يا أيها الساحر ادع لنا ربك بما عهد عندك إننا لمهتدون (49) فلما كشفنا عنهم العذاب إذا هم ينكثون (50) ونادى فرعون في قومه قال يا قوم أليس لي ملك مصر وهذه الأنهار تجري من تحتي أفلا تبصرون (51) أم أنا خير من هذا الذي هو مهين ولا يكاد يبين (52) فلولا ألقى عليه أسورة من ذهب أو جاء معه الملائكة مقترنين (53) فاستخف قومه فأطاعوه إنهم كانوا قوما فاسقين (54) فلما ءاسفونا انتقمنا منهم فأغرقناهم أجمعين (55) فجعلناهم سلفا ومثلا للآخرين (56) قوله تعالى: (واسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا) إن قيل: كيف يسأل الرسل وقد ماتوا قبله؟ فعنه ثلاثة أجوبة:
أحدها: أنه لما أسري به جمع له الأنبياء فصلى بهم، ثم قال له جبريل: سل من أرسلنا قبلك... الآية. فقال: لا أسأل، قد اكتفيت، رواه عطاء عن ابن عباس، وهذا قول سعيد بن جبير، والزهري، وابن زيد، قالوا: جمع له الرسل ليلة أسري به، فلقيهم، وأمر أن يسألهم، فما شك ولا سأل.
والثاني: أن المراد: اسأل مؤمني أهل الكتاب من الذين أرسلت إليهم الأنبياء، روي عن ابن عباس، والحسن، ومجاهد، وقتادة، والضحاك، والسدي في آخرين. قال ابن الأنباري: والمعنى سل أتباع من أرسلنا قبلك، كما تقول: السخاء حاتم، أي: سخاء حاتم، والشعر زهير، أي: شعر زهير. وعند المفسرين أنه لم يسأل على القولين. وقال الزجاج: هذا سؤال تقرير، فإذا سأل جميع الأمم، لم يأتوا بأن في كتبهم: أن اعبدوا غيري.
والثالث: أن المراد بخطاب النبي صلى الله عليه وسلم: خطاب أمته، فيكون المعنى سلوا، قاله الزجاج. وما بعد هذا ظاهر إلى قوله: (إذا هم منها يضحكون) استهزاء بها وتكذيبا.
(وما نريهم من آية إلا هي أكبر من أختها) يعني ما ترادف عليهم من الطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم والطمس، فكانت كل آية أكبر من التي قبلها، وهي العذاب المذكور في