(فمن عفا) فلم يقتص (وأصلح) العمل (فأجره على الله إنه لا يحب الظالمين) يعني من بدأ بالظلم. وإنما سمى المجازاة سيئة، لما بينا عند قوله: (فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه) قال الحسن: إذا كان يوم القيامة نادى مناد: ليقم من كان أجره على الله فلا يقوم إلا من عفا.
(ولمن انتصر بعد ظلمه) أي: بعد ظلم الظالم إياه، والمصدر هاهنا مضاف إلى المفعول، ونظيره: (من دعاء الخير) و (بسؤال نعجتك)، (فأولئك) يعني المنتصرين (ما عليهم من سبيل) أي: من طريق إلى لوم ولا حد، (إنما السبيل على الذين يظلمون الناس) أي: يبتدئون بالظلم (ويبغون في الأرض بغير الحق) أي: يعملون فيها بالمعاصي.
قوله تعالى: (ولمن صبر) فلم ينتصر (وغفر إن ذلك) الصبر والتجاوز (لمن عزم الأمور) وقد شرحناه في آل عمران.
ومن يضلل الله فما له من ولى من بعده وترى الظالمين لما رأوا العذاب يقولون هل إلى مرد من سبيل (44) وتراهم يعرضون عليها خاشعين من الذل ينظرون من طرف خفي وقال الذين آمنوا إن الخاسرين الذين خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة ألا إن الظالمين في عذاب مقيم (45) وما كان لهم من أولياء ينصرونهم من دون الله ومن يضلل الله فما له من سبيل (46) قوله تعالى: (ومن يضلل الله فما له من ولي) أي: من أحد يلي هدايته بعد إضلال الله إياه.
(وترى الظالمين) يعني المشركين (لما رأوا العذاب) في الآخرة يسألون الرجعة إلى الدنيا (يقولون هل إلى مرد من سبيل)؟.
(وتراهم يعرضون عليها) أي: على النار (خاشعين) أي: خاضعين متواضعين (من الذل ينظرون من طرف خفي) وفيه أربعة أقوال:
أحدها: من طرف ذليل، رواه العوفي عن ابن عباس، وبه قال مجاهد، وقال الأخفش:
ينظرون من عين ضعيفة. وقال غيره: " من " بمعنى " الباء ".