فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون (13) أولئك أصحاب الجنة خالدين فيها جزاء بما كانوا يعملون (14) ووصينا الإنسان بوالديه إحسانا حملته أمه كرها ووضعته كرها وحمله وفصاله ثلاثون شهرا حتى إذا بلغ أشده وبلغ أربعين سنة قال رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت على وعلى والدي وأن أعمل صالحا ترضاه وأصلح لي في ذريتي إني تبت إليك وإني من المسلمين (15) أولئك الذي نتقبل عنهم أحسن ما عملوا ونتجاوز عن سيئاتهم في أصحاب الجنة وعد الصدق الذي كانوا يوعدون (16) قوله تعالى: (وقال الذين كفروا للذين آمنوا...) الآية، في سبب نزولها خمسة أقوال:
أحدها: أن الكفار قالوا: لو كان دين محمد خيرا ما سبقنا إليه اليهود، فنزلت هذه الآية، قاله مسروق.
والثاني: أن امرأة ضعيفة البصر أسلمت، وكان الأشراف من قريش يهزؤون بها ويقولون: والله لو كان ما جاء به محمد خيرا ما سبقتنا هذه إليه، فنزلت هذه الآية، قاله أبو الزناد.
والثالث: أن أبا ذر الغفاري أسلم واستجاب به قومه إلى الإسلام، فقالت قريش: لو كان خيرا ما سبقونا إليه، فنزلت هذه الآية، قاله أبو المتوكل.
والرابع: أنه لما اهتدت مزينة وجهينة وأسلمت، قالت أسد وغطفان: لو كان خيرا ما سبقنا إليه رعاء الشاء، يعنون مزينة وجهينة، فنزلت هذه الآية، قاله ابن السائب.
والخامس: أن اليهود قالوا: لو كان دين محمد خيرا ما سبقتمونا إليه، لأنه لا علم لكم بذلك، ولو كان حقا لدخلنا فيه، ذكره أبو سليمان الدمشقي وقال: هو قول من يقول: إن الآية نزلت بالمدينة، ومن قال: هي مكية، قال: هو قول المشركين. فقد خرج في " الذين كفروا " قولان:
أحدهما: أنهم المشركون.
والثاني: اليهود.
وقوله: (لو كان خيرا) أي: لو كان دين محمد خيرا (ما سبقونا إليه). فمن قال: هم المشركون، قال: أرادوا: إنا أعز وأفضل، ومن قال: هم اليهود، قال: أرادوا: لأنا أعلم.
قوله تعالى: (وإذ لم يهتدوا به) أي: بالقرآن (فسيقولون هذا إفك قديم) أي: كذب