متقابلين (53) كذلك وزوجناهم بحور عين (54) يدعون فيها بكل فاكهة آمنين (55) لا يذوقون فيها الموت إلا الموتة الأولى ووقاهم عذاب الجحيم (56) فضلا من ربك ذلك هو الفوز العظيم (57) فإنما يسرناه بلسانك لعلهم يتذكرون (58) فارتقب إنهم مرتقبون (59) (إن شجرة الزقوم) قد ذكرناها في الصافات. و " الأثيم ": الفاجر، وقال مقاتل: هو أبو جهل. وقد ذكرنا معنى " المهل " في الكهف.
قوله تعالى: (يغلي في البطون) قرأ ابن كثير، وابن عامر، وحفص عن عاصم: " يغلي " بالياء، والباقون: بالتاء. فمن قرأ " تغلي " بالتاء، فلتأنيث الشجرة، ومن قرأ بالياء، حمله على الطعام، قال أبو علي الفارسي: ولا يجوز أن يحمل الغلي على المهل، لأن المهل ذكر للتشبيه في الذوب، وإنما يغلي ما شبه به (كغلي الحميم) وهو الماء الحار إذا اشتد غليانه.
قوله تعالى: (خذوه) أي: يقال للزبانية: خذوه (فاعتلوه) وقرأ ابن كثير، ونافع، وابن عامر، ويعقوب: بضم التاء، وكسرها الباقون، قال ابن قتيبة: ومعناه: قودوه بالعنف، يقال: جيء بفلان يعتل إلى السلطان، و " سواء الجحيم ": وسط النار. قال مقاتل: الآيات في أبي جهل يضربه الملك من خزان جهنم على رأسه بمقمعة من حديد فتنقب عن دماغه، فيجري دماغه على جسده، ثم يصب الملك في النقب ماء حميما قد انتهى حره، فيقع في بطنه، ثم يقول له الملك: (ذق) العذاب (إنك أنت العزيز الكريم) هذا توبيخ له بذلك، وكان أبو جهل يقول:
أنا أعز قريش وأكرمها. وقرأ الكسائي: " ذق أنك " بفتح الهمزة، والباقون: بكسرها. قال أبو علي:
من كسرها، فالمعنى: أنت العزيز في زعمك، ومن فتح، فالمعنى: بأنك.
فإن قيل: كيف سمي بالعزيز وليس به؟!
فالجواب من ثلاثة أوجه:
أحدها: أنه قيل ذلك استهزاء به، قاله سعيد بن جبير، ومقاتل.
والثاني: أنت العزيز الكريم عند نفسك، قاله قتادة.
والثالث: أنت العزيز في قومك، الكريم على أهلك، حكاه الماوردي.
ويقول الخزان لأهل النار: (إن هذا ما كنتم به تمترون) أي: تشكون في كونه.
ثم ذكر مستقر المتقين فقال: (إن المتقين في مقام أمين) قرأ نافع، وابن عامر: " في مقام " بضم الميم، والباقون: بفتحها. قال الفراء: المقام، بفتح الميم: المكان، وبضمها:
الإقامة.