ولثالث: أنه ريحانكم هذا الذي يشم، روى العوفي عن ابن عباس قال: " الريحان ": ما أنبتت الأرض من الريحان، وهذا مذهب الحسن، والضحاك، وابن زيد.
والرابع: أنه ما يؤكل من الحب، والعصف: المأكول منه، حكاه الفراء.
قوله [عز وجل]: (فبأي آلاء ربكما تكذبان) فإن قيل: كيف خاطب اثنين، وإنما ذكر الإنسان وحده؟ فعنه جوابان ذكرهما الفراء.
أحدهما: أن العرب تخاطب الواحد بفعل الاثنين كما بينا في قوله: (ألقيا في جهنم).
والثاني: أن الذكر أريد به: الإنسان والجان، فجرى مجرى الخطاب لهما من أول السورة إلى آخرها. قال الزجاج: لما ذكر الله تعالى في هذه السورة ما يدل على وحدانيته من خلق الإنسان وتعليم البيان وخلق الشمس والقمر والسماء والأرض، خاطب الجن والإنس، فقال: (فبأي آلاء ربكما تكذبان) أي: [فبأي نعم] ربكما تكذبان من هذه الأشياء المذكورة، لأنها [كلها] منعم بها عليكم في دلالتها إياكم على وحدانيته وفي رزقه إياكم ما به قوامكم. وقال ابن قتيبة:
الآلاء: النعم، واحدها: ألا، مثل: قفا، وإلا، مثل: معي.
خلق الإنسان من صلصال كالفخار (14) وخلق الجان من مارج من نار (15) فبأي آلاء ربكما تكذبان (16) رب المشرقين ورب المغربين (17) فبأي آلاء ربكما تكذبان (18) مرج البحرين يلتقيان (19) بينهما برزخ لا يبغيان (20) فبأي آلاء ربكما تكذبان (21) يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان (22) فبأي آلاء ربكما تكذبان (23) وله الجوار المنشآت في البحر كالأعلام (24) فبأي آلاء ربكما تكذبان (25) وقوله [عز وجل]: (خلق الإنسان) يعني آدم (من صلصال) قد ذكرنا في الحجر