والأول عندنا كلام العرب، وهذا غير مردود، يعني حديث أبي صالح. وذكر بعض المفسرين أن الكلام متصل بما قبله، والمعنى: فأولى لهم أن يطيعوا وأن يقولوا معروفا بالإجابة.
قوله تعالى: (فإذا عزم الأمر) قال الحسن: جد الأمر. وقال غيره: جد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه في الجهاد، ولزم فرض القتال، وصار الأمر معروفا عليه. وجواب " إذا " محذوف، تقديره: فإذا عزم الأمر نكلوا، يدل على المحذوف (فلو صدقوا الله) أي: في إيمانهم وجهادهم (لكان خيرا لهم) من المعصية والكراهة.
فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم (22) أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم (23) أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها (24) إن الذين ارتدوا على أدبارهم يحيى من بعد ما تبين لهم الهدى الشيطان سول لهم وأملى لهم (25) ذلك بأنهم قالوا للذين كرهوا ما نزل الله سنطيعكم في بعض الأمر والله يعلم إسرارهم (26) فكيف إذا توفتهم الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم (27) ذلك بأنهم اتبعوا ما أسخط الله وكرهوا رضوانه فأحبط أعمالهم (28) قوله تعالى: (فهل عسيتم إن توليتم) في المخاطب بهذا أربعة أقوال:
أحدها: المنافقون، وهو الظاهر.
والثاني: منافقو اليهود، قاله مقاتل.
والثالث: الخوارج، قاله بكر بن عبد الله المزني.
والرابع: قريش، حكاه جماعة منهم الماوردي. وفي قوله: (توليتم) قولان:
أحدهما: أنه بمعنى الإعراض. فالمعنى: إن أعرضتم عن الإسلام (أن تفسدوا في الأرض) بأن تعودوا إلى الجاهلية يقتل بعضكم بعضا، ويغير بعضكم على بعض، ذكره جماعة من المفسرين.
والثاني: أنه من الولاية لأمور الناس، قاله القرظي. فعلى هذا يكون معنى " أن تفسدوا في الأرض ": بالجور والظلم.
وقرأ يعقوب: " وتقطعوا " بفتح التاء والطاء وتخفيفها وسكون القاف، ثم ذم من يريد ذلك بالآية التي بعد هذه.