ثم أعلم نبيه أني قد بعثت رسلا فكذبوا فأهلكت المكذبين بالآيات التي تلي هذه.
قوله تعالى: (أشد منهم) أي: من قريش (بطشا) أي: قوة (ومضى مثل الأولين) أي:
سبق وصف عقابهم فيما أنزل عليك. وقيل: سبق تشبيه حال أولئك بهؤلاء في التكذيب، فستقع المشابهة بينهم في الإهلاك.
ثم أخبر عن جهلهم حين أقروا بأنه خالق السماوات والأرض ثم عبدوا غيره بالآية التي تلي هذه، ثم التي تليها مفسرة في طه إلى قوله: (لعلكم تهتدون) أي: لكي تهتدوا في أسفاركم إلى مقاصدكم.
والذي نزل من السماء ماء بقدر فأنشرنا به بلدة ميتا كذلك تخرجون (11) والذي خلق الأزواج كلها وجعل لكم من الفلك والأنعام ما تركبون (12) لتستووا على ظهوره ثم تذكروا نعمة ربكم إذا استويتم عليه وتقولوا سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين (13) وإنا إلى ربنا لمنقلبون (14) قوله تعالى: (والذي نزل من السماء ماء بقدر) قال ابن عباس: يريد أنه ليس كما أنزل على قوم نوح بغير قدر فأغرقهم، بل هو بقدر ليكون نافعا، ومعنى " أنشرنا ": أحيينا.
قوله تعالى: (كذلك تخرجون) قرأ حمزة، والكسائي، وابن عامر: " تخرجون " بفتح التاء وضم الراء، والباقون بضم التاء وفتح الراء. وما بعد هذا قد سبق إلى قوله تعالى: (لتستووا على ظهوره) قال أبو عبيدة: هاء التذكير ل " ما ".
(ثم تذكروا نعمة ربكم) إذ سخر لكم ذلك المركب في البر والبحر، (وما كنا له مقرنين) قال ابن عباس ومجاهد: أي: مطيقين، قال ابن قتيبة: يقال: أنا مقرن لك، أي: مطيق لك، ويقال: هو من قولهم: أنا قرن لفلان: إذا كنت مثله في الشدة، فإن قلت: أنا قرن لفلان - بفتح القاف - فمعناه: أن تكون مثله بالسن. وقال أبو عبيدة: " مقرنين " أي: ضابطين، يقال: فلان مقرن لفلان: أي: ضابط له.
قوله تعالى: (وإنا إلى ربنا لمنقلبون) أي: راجعون في الآخرة.