على الاستخفاء من جوارحكم، ولا تظنون أنها تشهد (ولكن ظننتم أن الله لا يعلم كثيرا مما تعملون) قال ابن عباس: كان الكفار يقولون: إن الله لا يعلم ما في أنفسنا، ولكنه يعلم ما يظهر، (وذلكم ظنكم) أي: أن الله لا يعلم ما تعملون، (أرادكم) أهلككم.
(فإن يصبروا) أي: على النار فهي مسكنهم، (وإن يستعتبوا) أي: يسألوا أن يرجع لهم إلى ما يحبون، لم يرجع لهم، لأنهم لا يستحقون ذلك. يقال: أعتبني فلان، أي: أرضاني بعد إسخاطه إياي. واستعتبته، أي: طلبت منه أن يعتب * أي: يرضى.
قوله تعالى: (وقضينا لهم قرناء) أي: سببنا لهم قرناء من الشياطين (فزينوا لهم ما بين أيديهم وما خلفهم) فيه ثلاثة أقوال:
أحدها: ما بين أيديهم: من أمر الآخرة أنه لا جنة ولا نار ولا بعث ولا حساب، وما خلفهم:
من أمر الدنيا، فزينوا لهم اللذات وجمع الأموال وترك الإنفاق في الخير.
والثاني: ما بين أيديهم: من أمر الدنيا، وما خلفهم: من أمر الآخرة، على عكس الأول.
والثالث: ما بين أيديهم: ما فعلوه، وما خلفهم: ما عزموا على فعله. وباقي الآية قد تقدم تفسيره.
وقال الذين كفروا لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه لعلكم تغلبون (26) فلنذيقن الذين كفروا عذابا شديدا ولنجزينهم أسوأ الذي كانوا يعلمون (27) ذلك جزاء أعداء الله النار لهم فيها دار الخلد جزاء بما كانوا بآياتنا يجحدون (28) قوله تعالى: (وقال الذين كفروا لا تسمعوا لهذا القرآن) أي: لا تسمعوه (والغوا فيه) أي:
عارضوه باللغو، وهو الكلام الخالي عن فائدة. وكان الكفار يوصي بعضهم بعضا: إذا سمعتم القرآن من محمد وأصحابه فارفعوا أصواتكم حتى تلبسوا عليهم قولهم. وقال مجاهد: والغوا فيه بالمكاء والصفير والتخليط من القول على رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قرأ (لعلكم تغلبون) فيسكتون.
قوله تعالى: (جزاء أعداء الله) يعني العذاب المذكور. وقوله: (النار) بدل من الجزاء (لهم فيها دار الخلد) أي: دار الإقامة. قال الزجاج: النار هي الدار، ولكنه كما تقول: لك في