ويسئلون (19) وقالوا لو شاء الرحمن ما عبدناهم مالهم بذلك من علم إن هم إلا يخرصون (20) أن آتيناهم كتابا من قبله فهم به مستمسكون (21) بل قالوا إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مهتدون (22) وكذلك ما أرسلنا من قبلك في قرية من نذير إلا قال مترفوها إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون (23) قال أولو جئتكم بأهدى مما وجدتم عليه آباءكم قالوا إنا بما أرسلتم به كافرون (24) فانتقمنا منهم فانظر كيف كان عاقبة المكذبين (25) قوله تعالى: (وجعلوا الملائكة) قال الزجاج: الجعل هاهنا بمعنى القول والحكم على الشيء، تقول: قد جعلت زيدا أعلم الناس، أي: قد وصفته بذلك وحكمت به. قال المفسرون:
وجعلهم الملائكة إناثا قولهم: هن بنات الله.
قوله تعالى: (الذين هم عباد الرحمن) قرأ ابن كثير، ونافع، وابن عامر، ويعقوب، وأبان عن عاصم، والشيزري عن الكسائي: " عند الرحمن " بنون من غير ألف، وقرأ الباقون: " عباد الرحمن " ومعنى هذه القراءة: جعلوا له من عباده بنات. والقراءة الأولى موافقة لقوله: (إن الذين عند ربك) وإذا كانوا في السماء كان أبعد للعلم بحالهم. (أشهدوا خلقهم) قرأ نافع، والمفضل عن عاصم: " أأشهدوا " بمهمزتين، الأولى مفتوحة والثانية مضمومة. وروى المسيبي عن نافع:
" أو شهدوا " ممدودة من أشهدت، والباقون لا يمدون.
" أشهدوا " من شهدت، أي: أحضروه فعرفوا أنهم إناث؟! وهذا توبيخ لهم إذ قالوا فيما يعلم بالمشاهدة من غير مشاهدة. (ستكتب شهادتهم) على الملائكة أنها بنات الله وقال مقاتل: لما قال الله عز وجل: (أشهدوا خلقهم؟)، سئلوا عن ذلك فقالوا: لا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " فما يدريكم أنها إناث؟ " فقالوا: سمعنا من آبائنا، ونحن نشهد أنهم لم يكذبوا، فقال الله: (ستكتب شهادتهم ويسألون) عنها في الآخرة. وقرأ أبو رزين، ومجاهد: " سنكتب " بنون مفتوحة " شهادتهم " بنصب التاء، ووافقهم ابن أبي عبلة في " سنكتب " وقرأ: " شهاداتهم " بألف.
قوله تعالى: (وقالوا لو شاء الرحمن ما عبدناهم) في المكني عنهم قولان:
أحدهما: أنهم الملائكة، قاله قتادة، ومقاتل في آخرين.