قوله تعالى: (وقال قرينه) قال مقاتل: هو ملكه الذي كان يكتب عمله السيء في دار الدنيا، يقول لربه: قد كتبت ما وكلتني به، فهذا عندي معد حاضر من عمله الخبيث، فقد أتيتك به وبعمله. وفي " ما " قولان:
أحدهما: أنها بمعنى " من " قاله مجاهد.
والثاني: أنها بمعنى الشيء، فتقديره: هذا شئ لدي عتيد، قاله الزجاج: وقد ذكرنا معنى العتيد في هذه السورة، فيقول الله تعالى: (ألقيا في جهنم) وفي معنى هذا الخطاب ثلاثة أقوال:
أحدها: أنه مخاطبة للواحد بلفظ الخطاب للاثنين، قال الفراء: والعرب تأمر الواحد والقوم بأمر الاثنين، فيقولون للرجل: ويلك ارحلاها وازجراها، سمعتها من العرب، وأنشدني بعضهم:
فقلت لصاحبي لا تحبسانا * بنزع أصوله واجتز شيحا وأنشدني أبو ثروان:
فان تزجراني يا بن عفان أنزجر * وإن تدعاني أحم عرضا ممنعا ونرى أن ذلك منهم، لأن أدنى أعوان الرجل في إبله وغنمه اثنان، وكذلك الرفقة أدنى ما تكون ثلاثة، فجرى الكلام على صاحبيه، ألا ترى الشعر أكثر شيء قيلا: يا صاحبي ويا خليلي.
قال امرؤ القيس:
خليلي مرا بي على أم جندب: نقضي لبانات الفؤاد المعذب ثم قال:
ألم تر أني كلما جئت طارقا * وجدت بها طيبا وإن لم تطيب فرجع إلى الواحد، وأول كلامه اثنان، وإلى هذا المعنى ذهب مقاتل، وقال: " ألقيا " خطاب للخازن، يعني خازن النار.
والثاني: أنه فعل ثني توكيدا، كأنه لما قال: " ألقيا "، ناب عن ألق ألق، وكذلك: قفا نبك، معناه: قف قف، فلما ناب عن فعلين، ثني، قاله المبرد.
والثالث: أنه أمر للملكين، يعني السائق والشهيد، وهذا اختيار الزجاج. فأما " الكفار "، فهو أشد مبالغة من الكافر. و " العنيد " قد فسرناه في هود.
قوله تعالى: (مناع للخير) في المراد بالخير ها هنا ثلاثة أقوال: