قوله [تعالى]: (ثلة من الأولين) الثلة: الجماعة غير محصورة العدد. وفي الأولين والآخرين هاهنا ثلاثة أقوال:
أحدها: أن الأولين: الذين كانوا من زمن آدم إلى زمن نبينا صلى الله عليه وسلم، والآخرين: هذه الأمة.
والثاني: أن الأولين: أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، والآخرين: التابعون.
والثالث: أن الأولين والآخرين: من أصحاب نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.
فعلى الأول يكون المعنى: إن السابقين جماعة من الأمم المتقدمة الذين سبقوا بالتصديق لأنبيائهم من جاء بعدهم مؤمنا، من أمة محمد [صلى الله عليه وسلم]، لأن الذين عاينوا الأنبياء أجمعين وصدقوا بهم أكثر ممن عاين نبينا وصدق به.
وعلى الثاني: أن السابقين: جماعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهم الأولون من المهاجرين والأنصار، وقليل من التابعين وهم الذين اتبعوهم بإحسان.
وعلى الثالث: أن السابقين: الأولون من المهاجرين والأنصار، وقليل ممن جاء بعدهم لعجز المتأخرين أن يلحقوا الأولين، فقليل منهم من يقاربهم في السبق.
وأما " الموضونة "، فقال ابن قتيبة: هي المنسوجة، كأن بعضها أدخل في بعض، أو نضد بعضها على بعض، ومنه قيل للدرع: موضونة، ومنه قيل: وضين الناقة، وهو بطان من سيور يدخل بعضه في بعض. قال الفراء: سمعت بعض العرب يقول: الآجر موضون بعضه على بعض، أي: مسروح وللمفسرين في معنى " موضونة " قولان:
أحدهما: مرمولة بالذهب، رواه مجاهد عن ابن عباس، وقال عكرمة: مشبكة بالدر والياقوت، وهذا معنى ما ذكرناه عن ابن قتيبة، وبه قال الأكثرون.
والثاني: مصفوفة، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس.
وما بعد هذا قد تقدم بيانه إلى قوله: (ولدان مخلدون) الولدان: الغلمان. وقال الحسن،